انطلاق الدورة(42) لمحافظي المصارف والمؤسسات العربية

بحضور دكتور عمر الرزَاز رئيس مجلس الوزراء بالمملكة الأردنية الهاشمية، بدأت أعمال اجتماع الدورة الثانية والأربعين لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية بحضور أصحاب المعالي والسعادة محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية وعدد من كبار المسؤولين في صندوق النقد الدولي وبنك التسويات الدولية، كما حضر الاجتماع بصفة مراقب، كل من جامعة الدول العربية والأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية واتحاد المصارف العربية واتحاد هيئات الأوراق المالية العربية ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إضافة إلى المديرين التنفيذيين العرب في كل من صندوق النقد والبنك الدوليين.

 وفي خطابه للجلسة الافتتاحية  قدم معالي دكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي،  كلمة ضافية أشار من خلالها إلى المخاطر المتزايدة التي تحيط بتعافي الاقتصاد العالمي والمتمثلة في التأثيرات المحتملة لتصاعد حدة التوترات التجارية، وتزايد معدلات المديونيات العامة والخاصة، واحتمالات فقدان بعض الدول النامية واقتصادات الأسواق الناشئة لزخم النمو المُحقق خلال السنوات السابقة، إضافة إلى المخاطر الناتجة عن تراكم مواطن الهشاشة المالية في هذه الأسواق، منوهاً بذات الوقت بالمخاطر المرتبطة بالارتفاع الملحوظ للمديونية العامة والخاصة خلال السنوات الأخيرة الذي أصبح يمثل سمةً من أبرز السمات التي يتسم بها الاقتصاد العالمي في الحقبة الراهنة.

 في ذات السياق، أشار معالي دكتور الحميدي إلى تأثر أداء الاقتصادات العربية بالتطورات الاقتصادية العالمية، خاصةً فيما يتعلق بتعافي نشاط التجارة الدولية، والتحسن النسبي للأسعار العالمية للنفط، وتواصل عودة المسارات التقليدية للسياسة النقدية الأمريكية، مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة تحقيق الدول العربية معدلات نمو أعلى من 5 في المائة لتتمكن من تحقيق خفض ملموس في معدلات البطالة لديها، الذي بلغ  نحو 15 في المائة في عام 2017، وهو ما يزيد عن ضعف المعدل العالمي البالغ 5.7 في المائة، مؤكداً في السياق نفسه على اهمية مواصلة الدول العربية تبني إصلاحات اقتصادية وتركيز توجه السياسات نحو متابعة جهود تنويع الهياكل الاقتصادية، والتحول نحو اقتصادات المعرفة، وزيادة مستويات مشاركة المرأة في القوة العاملة، ورفع الانتاجية وتعزيز التنافسية، إلى جانب الارتقاء برأس المال البشري من خلال التركيز على تحسين خدمات التعليم والصحة.

وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه الاقتصادات العربية، أشار معالي المدير العام رئيس مجلس الإدارة إلى أربعة تحديات رئيسية، هي الحاجة لتحقيق الانضباط المالي والاستدامة المالية، وأهمية مواصلة تبني إصلاحات هيكلية ومؤسسية تهدف إلى تعزيز الإنتاجية والقدرة التنافسية للدول العربية، وأهمية زيادة مستويات الاندماج الإقليمي، بما يمكن من الاندماج في سلاسل القيمة العالمية ويساهم في توفير فرص هائلة لزيادة الإنتاجية والتنافسية، إلى جانب استعادة أوضاع الاستقرار الاقتصادي وتلبية متطلبات إعادة الإعمار لدى الدول التي تشهد تطورات داخلية.

معالي الدكتور الحميدي، اشاد بالجهود التي تقوم بها المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية للمحافظة على الاستقرار المالي ودعم سلامة ومتانة القطاع المصرفي وقدرته على مواجهة الصدمات وتعزيز كفاءته في تمويل النشاط الاقتصادي، إلى جانب الجهود والأنشطة الخاصة بالفعاليات خلال اليوم العربي للشمول المالي في أبريل الماضي، التي كان لها دور بارز في زيادة التوعية والتعريف بقضايا الشمول المالي في المنطقة العربية.

في سياق آخر، أشار معالي الحميدي إلى الأهمية الكبيرة التي يوليها صندوق النقد العربي لتطوير القطاع المالي والمصرفي ودوره كقاطرة للنمو والتنمية، وذلك في إطار استراتيجية الصندوق القادمة 2020-2025، مبيناً في هذا الصدد أهم الاتجاهات ومحاور الأنشطة التي سيعمل عليها الصندوق للارتقاء بالقطاع المالي والمصرفي وأسواق المال العربية، وهي مواصلة جهود الصندوق لدعم فرص الوصول للتمويل والخدمات المالية، وخاصةً المشروعات الصغيرة والمتوسطة والشباب والمرأة، والعمل على مواكبة التحولات التقنية والاستفادة منها في تعزيز الشمول المالي، ومواصلة جهود تطوير أسواق التمويل المحلية من خلال المساعدة على تطوير أسواق السندات المحلية، والأسواق المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، إلى جانب تنمية أسواق أدوات تمويل البنية التحتية. كما تشمل مساعدة الدول العربية للارتقاء بدور ومساهمة المؤسسات المالية غير المصرفية وتطوير الأدوات المناسبة بما ينعكس إيجاباً على الشمول والاستقرار المالي، حيث تحظى استدامة أنظمة صناديق التقاعد والمعاشات بأولوية في هذا السياق.

كما أكد معالي الحميدي ان الصندوق سيكثف جهوده للاستفادة من تطبيقات التقنيات المالية الحديثة والمساهمة في خلق البيئة الحاضنة الملائمة لنمو صناعة التقنيات المالية الحديثة وتطوير الخدمات المالية الرقمية في الدول العربية في إطار بيئة تشريعية ورقابية ملائمة، وتوفير منظومة الضبط وإدارة مخاطر التهديدات الإلكترونية. مؤكدا على اهتمام الصندوق للمساهمة في الارتقاء بممارسات التمويل المسؤول والتمويل الأخضر بما يعزز من فرص تحقيق التنمية المستدامة للمحافظة على سلامة ونزاهة المعاملات المالية والمصرفية. أخيراً أكد معالي الحميدي على مواصلة الصندوق جهوده في تعزيز فرص الاندماج المالي من خلال جهود إنشاء آليات وترتيبات إقليمية تخدم فرص تعزيز التجارة والاستثمارات العربية البينية، مشيراً في هذا الصدد إلى مشروع المقاصة العربية.

في ختام كلمته ثمن معالي دكتور الحميدي للمملكة الأردنية الهاشمية ملكاً وحكومة وشعباً على استضافة الاجتماع، ولدولة رئيس مجلس الوزراء على رعايته للاجتماع، ولمعالي الدكتور زياد فريز على تعاونه في التحضير للاجتماع وتوفير مستلزمات نجاحه، مشيداً في ذات الوقت بجهود دولة الإمارات العربية المتحدة دولة مقر الصندوق على الرعاية والدعم الكبير الذي تقدمه باعتبارها دولة مقر صندوق النقد العربي، الذي يساهم بدون شك في قيام الصندوق بالمهام المنوطة به. كما قدم معالي المدير العام الشكر لأصحاب المعالي والسعادة محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية على دعمهم للصندوق ولأنشطة المجلس.