الهيئة العربية للاستثمار والانماء الزراعى:السودان يستحق تصنيف سلة غذاء العالم

الخرطوم (سونا)       تعمل الهيئة العربية للاستثمار والانماء الزراعي في مشاريع و انشطة تهدف لتحقيق الامن الزراعي العربي ولها تجارب ثره فى تمويل صغار المزارعين حيث بلغت قيمة المبالغ المخصصة لبرنامج التمويل المباشر قصير الأجل لصغار المزارعين خلال الفترة من 2013 حتى يوليو 2020 حوالى  17.24 مليون دولار .وتهدف  الهيئة حاليا لتوسعة هذا النشاط ليغطي ولايات النيل الازرق والجزيرة وشرق دارفور وجنوب وشمال كردفان

وقال رئيس الهيئة في حوار مع وكالة السودان للانباء أن العقوبات الامريكية المفروضة على السودان تلعب دورا كبيراً في عدم تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية حتى الآن في  البلاد في  وجود عقوبات اقتصادية تؤثر على مجريات الاستثمار الزراعي بالسودان.

و نوه سيادته الى المشروعات التي تنفذها الهيئة والتي من بين اهدافها منع ترييف المدن بالحد من الهجرة من الريف للمدن ،تهدف المشروعات الى خلق فرص عمل في الريف مما يساهم في بقاء الالقوى العاملة فيه

وفي الحوار التالي مع وكالة السودان للانباء يفصل رئيس الهيئة العربية للاستثمار والانماء الزراعي الاستاذ محمد عبيد المزروعى في تجاربهم فى الامن الغذائي  بما في ذلك التساؤل حول مقدرة السودان الكامنه في ان يصبح سلة غذاء العالم :-

وكالة السودان للانباء :- الهيئة العربية تعاون متميز ورائد مع عدد من صغار المزارعين في مشروع الجزيرة بوسط السودان، ما طبيعة هذا التعاون والهدف منه وما هي طبيعة الدعم الذي تقدمونه لهذه الشريحة؟؟؟

الاستاذ المزروعى:- أسست الهيئة العربية صندوق الأمانة (Trust Fund) عام 2006 الذي استهدف صغار ومتوسطي المزارعين والمنتجين والمرأة الريفية في السودان حيث قدم حزمة متكاملة من الخدمات التمويلية لهم و كان نواة لتبني فكرة برنامج قروض دوارة لتمويل صغار ومتوسطي المزارعين والمنتجين بالسودان، حيث قدم الصندوق ايضا حزمة متكاملة من الخدمات التمويلية لهم. واستهدفت بذلك دعم هذا القطاع لزيادة الإنتاج الزراعي والارتقاء بالإنتاجية من خلال توفير التمويل في الوقت المناسب وتوفير التقانات الحديثة والإرشاد الزراعي والتأمين الزراعي وتيسير الوصول إلى السوق.

وكالة السودان للانباء :-و لكن ما هي الصيغة التمويليه المعتمدة؟؟؟

الاستاذ المزروعى:- اعتمد البرنامج التمويل المباشر قصيرالأجل لصغار المزارعين للموسمين (العروة الصيفية والعروة الشتوية) ولفترات تتراوح بين 6 و 9 شهور حيث تم تدوير المبالغ المخصصة للبرنامج من خلال مساهمات مع البنوك التجارية المحلية السودانية حيث بلغت قيمة المبالغ المخصصة للبرنامج من عام 2013 حتى يوليو 2020 نحو 17.24 مليون دولار.

وكالة السودان للانباء: ماهي المحاصيل المعتمدة؟؟؟؟

الاستاذ المزروعى:- استهدف البرنامج تمويل إنتاج المحاصيل الاساسية مثل محصول الفول السوداني والقمح بالإضافة إلى تمويل قطاع الإنتاج الحيواني (تربية وتسمين الاغنام ،الضأن).

وكالة السودان للانباء:- ما هو الهدف من تمويل صغار المزارعين ؟؟؟

الاستاذ المزروعى:- الهدف من برنامج تمويل صغار المزارعين هو منح قروض دوَّارة بضمانات تتلاءم مع القدرات المالية لصغار ومتوسطي المنتجين من مزارعين ومربي الماشية وعاملين في مجال الصناعات الزراعية التحويلية الخاصة في المناطق الريفية وذلك لتعزيز الأمن الغذائي في الدول العربية.اضافة الى استخدام الحزم التقنية المتكاملة والميكنة الحديثة والحلول الزراعية الذكية في مجال الإنتاج الزراعي والغذائي بغرض زيادة الإنتاج والإنتاجية، لتحقيق عائد مالي مناسب للحفاظ على استدامة عمل البرنامج، و ايضا الحد من الهجرة من الريف إلى المدن من خلال توفير فرص العمل للشباب من الجنسين والاستفادة من الموارد البشرية التي تتوفر فيها المهارة والخبرة والإرادة للعمل،و من اهدافه ايضا الاستغلال الأمثل للموارد الزراعية الطبيعية من أراض ومياه وثروات حيوانية وسمكية متوفرة في الدول العربية والمساهمة مع مؤسسات التمويل لبناء شراكة قوية مع المجتمعات المحلية وتفعيل دور المشاركة المجتمعية لتحسين الإنتاج والإنتاجية و التشجيع على تنظيم صغار المزارعين للدخول في تجمعات مهنية تساعد في تقديم الخدمات إليهم.

وكالة السودان للانباء: – كم عدد المستفيدين من هذا الدعم؟ وهل هناك اتجاه لتعميم هذه التجربة على بقية ولايات السودان؟

الاستاذ المزروعى:- بلغ إجمالي عدد المستفيدين من برنامج تمويل صغار المزارعين في جمهورية السودان خلال الفترة 2013-2019 حوالي 121.400 مستفيد حيث بدأ العدد عام 2013 بنحو 1300 مستفيد حتى وصل عام 2019 نحو 51400  مستفيد.

وتعمل الهيئة حالياً على توسعة نشاط تمويل صغار المزارعين ليشمل ولايات أخري حيث قامت في العروة الصيفية للسنة الزراعية الحالية 2020/2021 تمويل ما يلي:

1- عدد 127 مزارعة لزراعة 1.6 ألف فدان ذرة رفيعة و900 فدان لزراعة القطن بمنطقة أقدي بولاية النيل الأزرق.

2-  عدد 600 مزارعة بولايتي جنوب وشمال كردفان لتمويل زراعة 1.2 ألف فدان بمحصول الفول السوداني و2.4 ألف فدان بمحصول السمسم.

3-  عدد 60 مزارع منطقة شارف بولاية شرق دارفور لزراعة 500 فدان بمحصول الفول السوداني.

4-  عدد 1166 مزارع بمنطقتي غرب المناقل والمسلمية بولاية الجزيرة لزراعة 7.0 آلاف فدان بمحصول الفول السوداني.

وجاري حالياً في تمويل زراعة العروة الشتوية لعدد 1747 مزارع بولاية الجزيرة لزراعة 15 ألف فدان بمحصول القمح بمناطق الجاموسي والماطوري ومعتوق والشوال والمكاشفي والمسلمية وسرحان ووسط الجزيرة.

وكالة السودان للانباء :- كيف تقيمون مشاريع الأمن الغذائي في السودان في إطار الأمن الغذائي العربي الآن؟

الاستاذ المزروعى:- في إطار مكونات البرنامج الطارئ للأمن الغذائي العربي قامت الدول العربية ببعض الجهود التي أسفرت عن تراجع في قيمة الفجوة الغذائية العربية من نحو (35) مليار دولار عام 2015 إلى نحو (33) مليار دولار عام 2018، وهذا يدل على أن هنالك جهوداً تبذل في السعي نحو تقليص الفجوة الغذائية العربية.

مشاريع الأمن الغذائي في السودان حالياً تواجه بعض المشاكل وخاصة توفر التمويل اللازم في الوقت المناسب وانخفاض إنتاجية المحاصيل الزراعية والتضخم وعدم استقرار سعر الصرف تتطلب تدخل سريع من الحكومة لمواجهة هذه المشاكل. وبناءً على تجربة الهيئة العربية لتمويل صغار المزارعين أدى تدخل الهيئة إلى زيادة إنتاجية المحاصيل المزروعة باستخدام الحزم التقنية المتكاملة والتقانات الحديثة، حيث تم زيادة إنتاجية المحاصيل المزروعة في السودان مثل القمح ازدادت الإنتاجية من 1.71 طن/هكتار إلى نحو 5.36 طن/ هكتار، بينما زادت إنتاجية الفول السوداني من 1.33 طن/ هكتار إلى نحو 3.43 طن/ هكتار والذرة الرفيعة ازدادت من 0.64 طن/هكتار إلى نحو 2.79 طن/ هكتار.

وكالة السودان للانباء :-ينتظم السودان الآن نشاط كبير لعقد المؤتمر الاقتصادي القومي كيف تنظرون لمثل هذا الحدث وإلى أي حد يصب في الأهداف العامة للهيئة؟

الاستاذ المزروعى:- يبحث هذا المؤتمر كيفية معالجة الخلل الهيكلي في الاقتصاد السوداني، وتضارب السياسات المالية والنقدية، إلى جانب بحث أسباب ضعف الانتاج والصادرات وزيادة الطلب على الواردات، إضافة إلى التضخم، وانخفاض قيمة العملة الوطنية. وتصب هذه الموضوعات بصورة مباشرة في أهداف الهيئة العربية المتمثلة في معالجة المشاكل التي تواجه عمل شركات الهيئة في جمهورية السودان خاصة قضايا استقرار سعر الصرف وتشجيع الصادرات فضلا عن السياسات التمويلية والمصرفية والتجارة الخارجية مما يؤدي إلى تحقيق رؤية وأهداف الهيئة والمتمثلة في المساهمة في تعزيز الأمن الغذائي والاستغلال الأمثل للموارد الذاتية للهيئة في الاستثمار في قطاع الزراعة.

وكالة السودان للانباء :-أما زال الاعتقاد بأن السودان هو سلة غذاء العالم صحيحاً وإذا كانت كذلك فلماذا لم يتمكن من تحقيق ذلك حتى الآن؟ وهل لديه من الإمكانيات الكامنة ما يبقيه حتى الآن في ذات التصنيف وإلى أي حد آثر انفصال جنوب السودان في هذا التصنيف؟

الاستاذ المزروعى:- الاعتقاد بأن السودان هو سلة غذاء العالم اعتقاد صحيح وذلك بسبب ما يمتلكه السودان من موارد طبيعية لأنه يعتبر واحد من أهم بلدان العالم التي تتوافر فيه المياه والأراضي الزراعية الصالحة للزراعة بما يقارب ثلث إجمالي مساحته، حيث يساهم السودان بنسبة (31.51%) من إجمالي المساحة الصالحة للزراعة بالوطن العربي البالغة حوالي (233.24) مليون هكتار، كما يساهم السودان بما نسبته (40.35%) من إجمالي المساحة المزروعة بالوطن العربي البالغة نحو (74.12) مليون هكتار عام 2018. كما يمتلك السودان ثروة حيوانية (أبقار -أغنام -ماعز -إبل) ما نسبته (31.41%) من جملة أعداد الثروة الحيوانية في المنطقة العربية البالغة نحو (348.31) مليون رأس في العام 2018.

وكالة السودان للانباء :لماذا لم يتمكن من تحقيق ذلك حتى الآن ؟

الاستاذ المزروعى:- المشاكل الاقتصادية المتفاقمة التي يعاني منها السودان وعدم وجود بنى تحتية مؤهلة لإقامة مشاريع زراعية كبيرة، كما أن العقوبات الامريكية المفروضة على السودان كان لها تأثير كبير على عدم تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية حتى الآن في ظل وجود عقوبات اقتصادية تؤثر على مجريات الاستثمار الزراعي بالسودان.

من التحديات ايضا مشاكل القوانين والتشريعات المتعلقة بتخصص وتوزيع الأراضي وضعف إنتاجية وحدتي الأرض والمياه نتيجة عدم التوسع في تطبيق التقنيات الحديثة، وكذلك الاهتمام بالهندسة الزراعية والماكينة الزراعية لزيادة الكفاءة الحقلية من الإنتاج. ورغم التخطيط لعددٍ مِن المشروعات الزراعية الواعدة مثل (مشروع الجزيرة بمساحة 2.12 مليون فدان -مشروع الرهد بمساحة 300 ألف فدان -مشروع السوكي 115 ألف فدان – مشروع حلفا 500 ألف فدان) فإنَّ هذه الثروة الهائلة والإمكانات الضخمة تحتاج إلى إدارة متطوِّرة، وتوفير خدمات لوجستية وبنًى تحتية تخدم الاستثمار الزراعي. و من ناحية اخرى ورغم توافر العديد من الموانئ بالسودان على امتداد ساحل البحر الأحمر،فإن هذه الموانئ تفتقد شبكة طرُق ومواصلات داخلية تُوفِّر على المنتجين الوصول بسهولة إلى الأسواق الداخلية والخارجية.

وكالة السودان للانباء :- إلى أي حد آثر انفصال جنوب السودان في هذا التصنيف؟

الاستاذ المزروعى:- تأثر السودان بانفصال الجنوب نتيجة انخفاض عائدات البترول بنسبة 75% واستقطاع جزء من المراعي والغابات مما أثر على أعداد الثروة الحيوانية لكن ما زال السودان قادر على أن يصبح سلة غذاء العالم العربي في حالة الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية الزراعية المتاحة للسودان من أراضي خصبة ومياه وثروة حيوانية وغابات حيث تقدر المساحة الصالحة للزراعة بالسودان نحو 73.5 مليون هكتار يزرع منها فقط نحو 29.9 مليون هكتار. مما يتطلب العمل على تشجيع الاستثمار الزراعي لزراعة المساحات الصالحة للزراعة غير المستغلة من خلال تحسين مناخ الاستثمار الزراعي وإدخال التقانات الحديثة في الزراعة وتوفير البني التحتية اللازمة للزراعة.

حوار/// اماني قندول//