المسلمون حموا الروانديين من الإبادة فانتشر الإسلام

” البي بي سي ”

تمر حاليا الذكرى الـ 25 للإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا، والتي كانت لها العديد من الآثار على البلاد، من بينها انتشار الإسلام هناك.

فمنذ ربع قرن، كان عدد المسلمين في رواندا أقل من واحد في المئة من عدد السكان. لكن نسبتهم تقدر حاليا بنحو عشرة في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم 11.2 مليون نسمة؛ فماذا حدث هناك وانعكس بشكل إيجابي على انتشار الإسلام؟

قتل نحو 800 ألف شخص خلال مئة يوم فقط من المذابح الجماعية في رواندا عام 1994، على يد متطرفين من قبائل الهوتو الذين استهدفوا أفراد أقلية التوتسي، بالإضافة إلى خصومهم السياسيين الذين لا ينتمون إلى أصولهم العرقية.

 

ينتمي نحو 85 في المئة من الروانديين إلى إثنية الهوتو، غير أن أقلية التوتسي هيمنت على البلاد لفترة طويلة.

في عام 1959، أطاح الهوتو بالحكم الملكي للتوتسي وفر عشرات الآلآف منهم إلى دول مجاورة من بينها أوغندا.

وشكلت مجموعة من التوتسي في المنفى جماعة متمردة أُطلق عليها (الجبهة الوطنية الرواندية) التي غزت رواندا عام 1990، واستمر القتال إلى أن أُبرم اتفاق سلام عام 1993.

وفي ليلة السادس من أبريل عام 1994، أُسقطت طائرة كانت تقل الرئيس الرواندي آنذاك جوفينال هابياريمانا ونظيره البوروندي سيبريان نتارياميرا، وقُتل جميع من كانوا على متنها

وأنحى متشددو الهوتو باللائمة على جماعة الجبهة الوطنية المتمردة، وبدأوا على الفور حملة منظمة للقتل.

وقالت الجبهة الوطنية الرواندية إن الهوتو هم من أسقطوا الطائرة كذريعة لتنفيذ إبادة جماعية.

 

سُلمت قوائم بالغة التنظيم بأسماء خصوم الحكومة إلى الميليشيات، الذين قتلوا هذه الأسماء وجميع أفراد أسرهم.

وقتل الجيران جيرانهم، كما قتل بعض الأزواج زوجاتهم المنتميات للتوتسي، وقيل لهم إن رفضوا فسوف يقتلون.

وكانت بطاقات الهوية الشخصية في ذلك الوقت تتضمن تحديد الانتماء العرقي، ومن ثم أنشأت الميليشيات نقاط تفتيش في الطرق حيث كان يجري قتل التوتسي.

كما احتُجزت الآلاف من نساء التوتسي لاستغلالهن في إشباع الرغبات الجنسية.

 

وقد كان للملاذ الآمن الذي وفره المسلمون للتوتسي وحمايتهم من الهوتو أبلغ الأثر في تحول الكثيرين للإسلام في ذلك البلد.

وقال عبد السلام، الذي اعتنق الإسلام منذ 20 عاما، لبي بي سي إنه كان في الخامسة عشر من عمره عندما شاهد فشل الكنائس في حماية الناس الذين لجؤوا إليها طلبا للأمان، مشيرا إلى أن تحوله للإسلام كان نتيجة مباشرة لما حدث خلال عمليات الإبادة الجماعية.

وتقول صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن مقتل نحو 800 ألف رواندي في عمليات الإبادة الجماعية لم يؤد فقط لفقدان ثقة المواطنين في حكومتهم، بل في ديانتهم أيضا، إذ تهيمن المسيحية الكاثوليكية في هذا البلد الذي بات الإسلام فيه هو أسرع الأديان انتشارا.

 

لقد كانت الكاثوليكية هي المهيمنة على رواندا لأكثر من مئة عام، لكن الناس الذين امتعضوا من الدور الذي لعبه بعض القساوسة والراهبات في عمليات الإبادة الجماعية رفضوا الدين برمته أو تحولوا للإسلام.

وقال ياكوبو جوما زيمانا، الذي اعتنق الإسلام عام 1996، لنيويورك تايمز: “الناس ماتت في كنيستي القديمة: لقد كان القس يساعد القتلة. لم يعد بوسعي العودة والصلاة هناك، كان علي البحث عن دين آخر.”

كما يوضح أليكس روتيريزا سبب تحوله للإسلام قائلا: “لقد تعامل المسلمون خلال مذابح عام 1994 بشكل جيد جدا، فأردت أن أكون مثلهم. كانت عمليات القتل في كل مكان، في حين كان حي المسلمين هو الأكثر أمانا. ولم يكن المسلمون منتشرين في أنحاء البلاد كما هو الحال حاليا، وإنما كانوا يحتشدون في ضاحية بيريوغو بالعاصمة كيغالي.”

وقد كان للملاذ الآمن الذي وفره المسلمون للتوتسي وحمايتهم من الهوتو أبلغ الأثر في تحول الكثيرين للإسلام في ذلك البلد.

وتقول صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن مقتل نحو 800 ألف رواندي في عمليات الإبادة الجماعية لم يؤد فقط لفقدان ثقة المواطنين في حكومتهم، بل في ديانتهم أيضا، إذ تهيمن المسيحية الكاثوليكية في هذا البلد الذي بات الإسلام فيه هو أسرع الأديان انتشارا.

لقد كانت الكاثوليكية هي المهيمنة على رواندا لأكثر من مئة عام، لكن الناس الذين امتعضوا من الدور الذي لعبه بعض القساوسة والراهبات في عمليات الإبادة الجماعية رفضوا الدين برمته أو تحولوا للإسلام حينئذ إنهم يشعرون بأنهم أكثر ارتباطا بالدين  من العرق.

 

ما حدث خلال مذابح عام 1994 أعطى مصداقية للمسلمين في رواندا، إذ رفض الهوتو المسلمون التعاون مع ميليشيا الهوتو التي تطارد التوتسي لقتلهم.

وقال رمضاني روغيما، السكرتير التنفيذي لاتحاد المسلمين في رواندا: “لم يمت أحد في مسجدي لقد تصدى المسلمون للميليشيات وأنقذوا الكثير من الأرواح.”

وقال روغيما، وهو من التوتسي، إنه يدين بحياته لمسلم خبأه من الميليشيا التي كانت تطارده.

وأضاف: “كمسلمين، نشعر بالفخر بالكيفية التي بزغ بها الإسلام من وسط مذابح عام 1994.”

ورغم الأرضية التي كسبها الإسلام، فإن أحدا لم يتحدث عن إمكانية أن يحل محل الكاثوليكية التي وصلت إلى هذا البلد مع أواخر القرن الـ 19، والتي ما زالت متجذرة في ثقافة رواندا.

وتقول ميداتريس موكاروتابانا، التي نجت من المذابح، إنها صارت أكثر تدينا وذهابا للكنيسة. وتضيف: “لقد أنقذني الرب. لقد كان يختبر إيماني.”

وتقول موكاروتابانا: “إن قس كنيستها – وكان إسبانيا – حاول إقناع ميليشيا الهوتو بترك كنيسته، بل عرض عليهم أموالا، لكنهم لم ينصرفوا، فكانت المذبحة التي نجت منها.”