نص كلمة المشير عمر حسن أحمد البشير رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الوطنى فى إفتتاح جلسات المؤتمر العام الرابع للمؤتمر الوطني

الاخبار العالمية
413
2

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، المبعوث رحمة للعالمين ، وعلى سائر الأنبياء والمرسلين ..

الضيوف الاعزاء ..

الإخوة والأخوات أعضاء المؤتمر العام الرابع للمؤتمر الوطني ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

بإسم الله العلي القدير مالك الملك والتدبير، نفتتح أعمال المؤتمر العام الرابع للمؤتمر الوطني ،ونبادر بالتحية والتقدير لضيوفنا الذين يشاركوننا جلسات هذا المؤتمر من الاحزاب والتنظيمات السياسية من الدول الصديقة والشقيقة ، كما أرحب بممثلي المجتمع السوداني من أحزاب ومنظمات سياسية ورموز وطنية وقيادات دينية ومجتمعية ، والتحية لكم إخوتي و أخواتي أعضاء المؤتمر الرابع ، الذي يأتي إنعقاده دليل عافية ، وتعبيراً قوياً عن حيوية هذا الحزب وحركته الدافعة ، والتي تجلت طوال الاسابيع الماضية في إنعقاد المؤتمرات القطاعية والولائية بمشاركة واسعة وحضور فاعل ، ويجىء هذا الإنعقاد إيذاناً لبدء دورة جديدة لمؤسسات الحزب التي بنيت على معالم الشورى وأُسس الإختيار والتعبير الحر . كما يجىء إنعقاده في مرحلة مفصلية للمشهد السياسي العام ، الذي يشهد حراكاً واسعاً بين يدي الإنتخابات العامة مطلع العام المقبل .

الإخوة والأخوات المؤتمرون ..

لقد افرز المؤتمر العام الثالث لحزبنا جملة من الإلتزامات الوطنية والتنظيمية ، جسدها الشعار المرفوع ( حزب قائد لوطن رائد ) حوت جميع مجالات عمل الحزب على الصعيد التنظيمي وعلى صعيد الحياة العامة ، وظلت هياكل الحزب واُطره التنظيمية ومؤسساته في حال إنشغال مستمر لتنفيذ تلك الواجبات المعلنة ، وقد أثمر ذلك نجاحات عديدة على مستوى الحزب وفى ساحة الأداء العام سياسياً وتنفيذياً رغم ما إعترت مسيرته من تحديات تصاعدت وتيرتها كلما تنامت مسيرة البناء الوطني ، وقد مهدت تلك النجاحات الطريق الى مؤتمرنا الرابع هذا ، وهو طريق يؤكد رسوخ التقاليد الشورية للبناء التنظيمي للحزب والتطور الفكري لأطروحاته وبرامجه في ظل تماسك وتفاعل مؤسساته التي إمتلكت قدرة المفاضلة الحكيمة لتبني الأراء التي طرحتها عضويته على كافة المستويات وصولاً للمؤتمر العام .

الأخوات والإخوة الكرام ..

الحضور الكريــم ..

لقد أكد الإعداد لهذا المؤتمر والذي جرى بعد وثيقة الاصلاح والتجديد على إعادة بناء مؤسسات الحزب على مبدأ الشورى ابتداءً بمؤتمرات الاساس والمناطق والمحليات والولايات ثم المستوى القومي بالإضافة لمؤتمرات القطاعات الوظيفية والفئوية من المرأة والشباب والطلاب وشهدت جميعها نهجاً واضحاً من الممارسة الشورية ، والحوار الحر مما أفسح المجال ، لإستيعاب اعداد كبيرة من العضوية الجديدة التي آمنت وإقتنعت بأطروحات ومواقف المؤتمر الوطني سواء في أدائه العام أو مغالبته للتحديات التي واجهت بلادنا في مسيرتها القاصدة نحو التطور والنماء . وقد حقق ذلك الحراك وفاعليته رؤى جامعة متفق عليها داخل تكوينات الحزب القاعدية وأجهزته القيادية ، فضلاً عن وضوح النهج السياسي لمعالجة قضايا الحزب والدولة وفق مسيرة تتخذ التحليل والتقويم والمراجعة والمحاسبة نهجاً يعزز الايجابيات ويعالج السلبيات . وتجدون تفصيلاً لأداء الحزب في التقرير الذي سيقدم لكم إخوتي المؤتمرون لتقوموا بدراسته وتقويمه وإتخاذ التوصيات اللازمة حوله وفق هذا النهج الذي أشرنا اليه .

الأخوات والإخوة الكرام ..

الحضور الكريـم ..

على صعيد الأداء التنفيذي للدولة فلقد واجهت بلادنا خلال الحقبة المنصرمة تحدياً كبيراً بما أفضى إليه إنفصال جنوب السودان وأختيار أبناء الجنوب بالإستفتاء منتصف 2011م قيام دولة لهم ، ورغم الأثر السالب الناجم عن ذلك في الإقتصاد الوطني ورغم الضيق الذي حدث في الموارد وإستمرار العقوبات الجائرة ، وتعمد إستمرار الحرب في بعض مناطق السودان كجزء من المخطط الذي قصد ويقصد أن يرهق بلدنا ، وأن يصيب التعب مجتمعنا ، إلآ أن ذلك التحدي والصعوبات كانت دافعاً لنا ورافعة لهمتنا لإستنباط حلول مبتكرة وناجعة لتوظيف ما هو متاح مما ساهم في إكمالنا مشروعات البناء من سدود وكهرباء وطرق وبني تحتية وإستكشاف موارد جديدة من آبار نفط جديدة ومعادن وجذب إستثماري وتحقيق نمو إقتصادي، وشهدت الفترة الماضية إنجازات عديدة على مستوى التنمية بالولايات حيث إرتقت الخدمات وإزداد عدد المدارس والمستشفيات والطرق الداخلية والعابرة والرابطة للسودان بدول الجوار شرقاً الى أثيوبيا وارتريا وغرباً نحو تشاد وأفريقيا الوسطى وشمالاً نحو مصر. ويحوي التقرير التنفيذي المقدم ضمن أعمال مؤتمركم تفصيلات مما أنجز لتعملوا فيه ذات النهج تحليلاً ومراجعة وتطويراً ..

الإخوة والأخوات أعضاء المؤتمر العام الرابع للمؤتمر الوطني ..

إستهلالاً لأعمال دورتنا الجديدة فإنني اود أن اطرح أمام مؤتمركم عدداً من التحديات التي تقتضى وضوحاً في الرؤية ، وشحذاً للعزم والإرادة للتعاطي معها وتجاوزها بما يحقق هدفنا في تطوير تجربتنا السياسية نحو آفاق أكثر رشداً وتوافقاً، وبناء دولة تنعم بالتنمية والإزدهار الاقتصادي وتوفر الحرية و العدالة الاجتماعية للمواطنين وفق منظومة من القيم التي تحقق الحكم الرشيد ..

أولاً : تحدي استكمال التوافق والتراضي الوطني ..

تأسيساً على وثيقة الإصلاح والتجديد التى أقرتها مؤسسات الحزب فقد قمنا بطرح مبادرة للحوار الوطني ، وأدرنا حولها حواراً سياسياً واسعاً ، وعملنا على ترسيخ المشتركات والثوابت ، وتوسيع دائرة القواسم المشتركة التي تربط كل أبناء الوطن ، مع التأمين على نجاعة السلام بديلاً عن الخلاف والإحتراب ، وتأكيد أن الحوار هو سبيل حل المشكلات المتعلقة بالمشاركة السياسية ، وتحقيق معدلات عالية من الوفاق والوئام الاجتماعي والسياسي . وقد قطعنا شوطاً مقدراً في مشوار الحوار الذي تفاعلت معنا فيه الكثير من القوى السياسية والمجتمعية رغم العثرات التي أبطأت بمسيرته بعض الوقت ، وستشهد مبادرة الحوار تطورات مهمة في غضون الأيام المقبلة حيث تمت الدعوة لاجتماع الجمعية العمومية للحوار الوطني للإنعقاد في الثاني من نوفمبر المقبل لإجازة تقرير عمل اللجنة للفترة الماضية ، وإعتماد خارطة الطريق ، و إعتماد وثيقة أديس أبابا التي تُمهد للحوار مع المجموعات التي ما تزال تحمل السلاح ، وتشمل كذلك النظر في معالجة المسائل الإنسانية. وسينظر إجتماع الجمعية العمومية في تحديد موعد إنعقاد الحوار الجامع الذي يشمل كل هذه الاطراف . ومن هنا أدعو الأطراف حاملة السلاح أن تستجيب لنداء الوطن ، وأن تشارك في الحوار من أجل تحقيق التوافق والتراضي الوطني . كما نجدد إلتزامنا أن نبلغ بالحوار غاياته مادامت الأطراف تتحلى فيه بالموضوعية وتعلى قيمة الوطن فوق المصالح الشخصية الحزبية والجهوية . ويسعدنى في هذا المقام ان أٌحي إخوة كراماً عادوا الى ساحة الوطن بعد أن إختاروا نهج الحوار والسلام بدلاً عن الحرب ، أُحي حضورهم معنا في هذا المؤتمر وأؤكد حرصنا على إقامة علاقات سياسية عامرة بيننا وبينهم تقوم على ألسعي المشترك لنشر ثقافة السلام ونبذ العنف وبث روح التسامح والتعايش وتأكيد حرمة الدماء والإقتتال.

ثانياً : تجويد الحكم اللامركزي ..

لقد إتخذنا ترتيبات في مجال الحكم والإدارة نشأت بموجبها ولايات جديدة واعدنا ترتيب عديد من الادارات على مستوى المركز والولايات ، ونحن إذ نؤكد إلتزامنا وتمسكنا بمنهج الحكم اللامركزي إلآّ أن ذلك لا يمنعنا من الإشارة والاعتراف بحدوث بعض الآثار السالبة التي تمثلت في إقحام القبلية والإستنصار بالبعد العرقي والجهوي مما بات يشكل خطراً على النسيج والترابط الإجتماعي وربما أمننا القومي ، مما يستدعى وقفة مراجعة تنصح لله وترعى مصلحة الوطن وأمنه وإستقراره ، وإنني لأدعو مؤتمركم أن يعمل نظراً فاحصاً صريحاً يشمل كل جوانب الممارسة والتطبيق بما يعين على إتخاذ القرارات التي تبسط العلاج وتقوم المسار للإرتقاء بنظام الحكم اللامركزي توسيعاً للمشاركة ، وتأكيداً لدور المواطن في إدارة شأنه المباشر في مجال الخدمات والتنمية في إطار المواطنة والولاء للوطن ..

ثالثاً : تحدي الإقتصاد والتنمية والمعاش ..

إن تأمين ضرورات وحاجات الناس من مأكل ومشرب وملبس ومأوى وخدمات صحية وتسهيل سبل العيش الكريم هو تحدي حقيقي وكبير يقتضي أحداث نقلة نوعية تتجاوز معدلات الإنجاز الذي تحقق ، تقوم عليها أجهزة الحزب المتخصصة بطرح مبادرات وإقتراح سياسات ناجعة لتجاوز مظاهر المشكلات الإقتصادية ، وإنفاذ مشروعات التنمية وتسريعها ، وإبتكار أساليب مجدية لرفع القدرات والكفاية الإنتاجية، ورفع معدلات الآداء وإتخاذ معالجات محفزة لتشجيع الاستثمار وتحريك القطاع الخاص وتفعيل الخدمة المدنية وتحسين شروط خدمتها وتحسين الإجور والعمل على إستيعاب طاقات الشباب والخريجين وفتح آفاق العمل لهم ، والحد من البطالة وتوفير خدمات الصحة والتعليم و الضمان الاجتماعي بما يرتقي بنا الى مستوى المؤشرات الإقليمية والدولية .. قاصدين بجهدنا هذا أن نعبد الله وحده ، مبتغين به الدار الأخرة ..

رابعاً : تحدي العلاقات الخارجية الاوسع ..

رغم المحاولات الظالمة لتعويق علاقاتنا الخارجية مع دول العالم الأّ أننا إستطعنا بفضل الله وقدرته أن نحافظ على علاقات خارجية راسخة في بحر متلاطم من التطورات التي حدثت في العالم من قيام أنظمة وسقوط أخرى ، وحدوث فتن وحروبات داخلية وإقتتال أهلي في أقطار شتى بصورة غير مسبوقة . أن المشاركة الكبيرة من الدول الشقيقة والصديقة عبر ممثلي أحزابها وتنظيماتها السياسية في هذا المؤتمر تؤكد نجاح مواقف ورؤى المؤتمر الوطني على صعيد سياساته الخارجية المبنية على الإنفتاح في العلاقات مع مكونات المجتمع الدولي والإقليمي وفق منظور حرية الإرادة وإستقلال القرار وصيانة السيادة الوطنية وتطوير موارد البلاد ومقدراتها وفق مبدأ تبادل المنافع وتحقيق المصالح المشتركة ، وهو الأمر الذي وفر للسودان حضوراً مقدراً على الصعيدين الدولى والإقليمي مسانداً لسيادة قيم الحق والعدل ورفضاً للظلم والعدوان وإزدواجية المعايير .

كما أننا نجحنا في تمتين علاقاتنا مع الكثير من الدول في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ، وشهدت بلادنا قيام مؤسسات للتعاون السياسي وصارت مقراً لاستضافتها مثل مجلس الاحزاب الافريقية ورابطة الصداقة العربية الصينية . وإنفتحت مجالات للتعاون السياسي والإقتصادي والإستثماري ، ولله الحمد فإن حجم الإستثمار في بلادنا بلغ بنهاية العام 2013م حوالى 31 مليار دولار شملت قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات من مصارف وإتصالات وفنادق . كما إننا نجحنا في تجاوز محاولات تطويق علاقاتنا العربية بوجه خاص وأحرزنا إختراقاً كبيراً بزياراتنا الأخيرة الناجحة الى كل من الشقيقة المملكة العربية السعودية والشقيقة مصر وستتبع ذلك تطورات إيجابية أخرى قريباً إنشاء الله .

ويسعدني أن أحي مجدداً الحضور الكبير من ضيوفنا الحاضرين من دول العالم لهذا المؤتمر فحضوركم إخوتي الضيوف دلالة قوية ، وشاهد عملي ، على إمتداد علاقاتنا ووثوقها ، وأؤكد لكم حرص المؤتمر الوطني أن يرد مشاركتكم وتحيتكم بعزم أكبر على توسيع دائرة التعاون والتواصل لآفاق أوسع تشمل كل المجالات .

الإخوة والاخوات أعضاء المؤتمر الرابع للمؤتمر الوطنى..

سيكون من مهام هذا المؤتمر وواجباته إنتخاب رئيس المؤتمر وهيئة الشورى والمكتب القيادي يكتمل بهم البناء المؤسسي ، وعليهم تقع مسؤولية وضع الرؤية الشاملة للتعامل مع التحديات سابقة الذكر ، وتحديد آليات تنفيذ السياسات والبرامج الموضوعة وفق مبادئنا الفكرية القائمة على نهج التجديد والتصحيح والإصلاح ، وبعث طاقات الشباب للإسهام في الفعل الحضاري والثقافي في وسطنا الإقليمي والعالمي ، وربط المجتمع بتقانة العصر والحداثة ، دون تفريط في هويتنا وعقيدتنا السمحة التي تقوم على الإعتدال والوسطية دون غلو أو تطرف ، إنكم إخوتي المؤتمرون تمثلون حزباً شعاره القيادة والريادة ، والتحية نبذلها لهذا الشعب الذي صبر وصابر وبذل وضحى ، قدم الشهداء من صفوفه العسكرية والمدنية دون منٍ أو أذى من أجل الأمن والاستقرار والسلام ، شعب يتمتع بوعي سياسي متقدم فوضكم أكثر من مرة لقيادته وإدارة شأنه ، علينا أن نعزز هذه الثقة و أن نبادله إياها بما يجسدها من تواضع، وتجرد، وإخلاص، ونكران ذات ، وأن نبسط له مخرجات جهدنا الفكري والسياسي بعد إنفضاض أعمال هذا المؤتمر في حوار مجتمعي تتهيأ له الآن قطاعاته وشرائحه المختلفة لنصوغ رؤية إجتماعية ثقافية فكرية حافزة ودافعة تجدد خير ما فينا لنصل الى أفضل ما تكون عليه الشعوب والأمم من التقدم والرقي والتماسك والوحدة ، مستعينين بعون الله مستنصرين بتوفيقه ..

سدد الله خطاكم وأعانكم على ما انتم عليه مقبلون

من أمانة عظيمة ، ومسؤولية جسيمة ..

والسلام عليكم ورحمة الله بركاته،،