نص كـلمـة الســيد/ رئيـس الجمهورية في حفل جائزة أبو رنات للتميز المهني والأكاديمي

الخرطوم (سونا) نص كــلمة المشير عمر حسن احمد البشير/ رئيــس الجمهـوريـة في حفل جائزة أبو رنات للتميز المهني والأكاديمي مساء اليوم بدار القضاة

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين الذي أدى الأمانة وبلغ الرسالة وإنا على ذلك من الشاهدين وعلى آله أجمعين والسلام على أنبياء الله ورسله للعالمين .

يقول الله تعالى في محكم تنزيله :

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا

سورة الأحزاب )72)

الأخ الكريم رئيس القضاء

الأخ الكريم رئيس المحكمة الدستورية

الأخ الكريم النائب العام

الأخ الكريم نقيب المحامين

الحضور الكريم

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

يطيب لي أن أخاطبكم في هذا اليوم الـمشهود من أيام التميز في الأداء الوظيفي والتطور المهني / لأحيي عبركم قضاة بلادي وهم ينتشرون بطول البلاد وعرضها / يحرسون العدالة ويعلون من شأنها/ بترسيخ مبادئ الحق وقيم الإنصاف السامية/ وصولاً إلى تعزيز قواعد الحكم الرشيد/ الذي تصون حقوق الإنسان / ويحفظ كرامته/ ويرعى مصالحه/ من أجل مجتمع معافى من الظلم وإنتهاك الحقوق والحريات/ الجميع فيه متساوون بفضل سيادة حكم القانون/ ونفاذ مقتضياته على الجميع ./

الأخوة والأخوات القضاة

الحضور الكريم

أنها لبادرة حسنة وسنة حميدة/ أن يقترن سعي السلطة القضائية لتشجيع البحث العلمي في المجال القانوني بإسم العالم الجليل وأول رئيس قضاة سوداني ورمز استقلال القضاء المغفور له بإذن الله تعالى القاضي محمد أحمد أبو رنات / والذي نرجو أن نحيي ذكراه العطرة بالتقدير والتجلة والعرفان / كما تمتد تحيتنا وتقديرنا لأسرته الكريمة/ ولا شك أن حفز البحث العلمي والأكاديمي هو الطريق للتميز المهني في الأداء القانوني بصفة عامة والقضائي بصفة خاصة / ولذلك ظل الاعتناء وترقية البحث العلمي ركيزة أساسية في استراتيجية الدولة لرفع القدرة التنافسية لأجهزتها وكوادرها/ وسنظل ندعم جهد كافة أجهزة الدولة في أي مبادرات علمية تبتدعها لترقية كوادرها / وتطوير ثقافتها الوظيفية/ وابتداع أساليب عمل لتحقيق أهدافها / ولذلك تجد منا الهيئة القضائية تحية خاصة وشكر وتقدير/ لمبادرتها في تشجيع البحث العلمي والتي نرجو أن تكون نموذجاً يحتـــذى من أجهزة الدولة الأخرى .

الأخوة والأخوات القضاة

الحضور الكريم

لا شك أنكم تتابعون مسيرة العمل الوطني في بلادنا منذ إعلان الوثبة في يناير 2014م/ وما أدت إليه من إصلاح شامل إنبثق عن الحوار الوطني بشقيه السياسي والمجتمعي/ وكذلك عن برنامجنا لإصلاح أجهزة الدولة/ كان للإصلاح القانوني والتطوير التشريعي حيزاً مقدراً في هذه المسارات نجم عنه تعديلات دستورية نوعية/ هيأت لـمراجعة وتطوير لتشريعاتنا سواء تلك الـمتصلة بالمنظومة العدلية أو تلك المتصلة بتنظيم أداء الدولة/ عبر أجهزتها السيادية أو التشريعية أجرينا فيها تعديلاً واستحداثاً لما يتجاوز الـ 70 قانوناً/ تنظم حياتنا العامة في مجالاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية/ نؤسس من خلالها حكماً رشيداً لحياة مجتمعنا القادمة/ وبعون الله نستقبل في مقبل أيامنا جهوداً منظمة لمراجعة تشريعات جوهرية متصلة بالممارسة السياسية سواء على صعيد تنظيم الأحزاب أو الانتخابات/ كما وجهنا بإحالة كل التوصيات المتصلة بنظام الحكم والإدارة والحريات العامة والأوضاع الدستورية والتي تضمنتها توصيات الحوار الوطني بشقيه السياسي والمجتمعي/ وكذلك التي اقتضتها مساعي إصلاح أجهزة الدولة إلى الآلية المرتقبة لإعداد الدستور بعد أن تواضعنا كقوى سياسية ومجتمعية على هذه التوصيات/ بمشاركة واسعة من ذوي الخبرة القانونية والتجربة القضائية/ فضلاً عن مشاركة أهل المحاماة ولذلك جاءت هذه التوصيات وما فيها من تعديلات دستورية جهداً علمياً / ومهنياً / جماعياً / أكد روح الوفاق الوطني/ بمشاركة جماعية في بناء الركائز القانونية لدولة السودان/ ومنظور أن تتسع هذه المشاركة بمشيئة الله في حوار واسع ومتخصص ومهني في إعداد دستور البلاد وفي صياغة وتحديد مسارات إقراره وأجازته / ولذلك نعلنها بشكل واضح لا لبس فيه/ أن إعداد الدستور لن يستثنى أحد في المشاركة وفق الوثيقة الوطنية إلا من أبى/ وسوف تشهد مقبلات أيامنا مشاورات مكثفة لتحقيق هذه الغاية الكبرى في مسيرة العمل الوطني لنخلص فيها إلى دستور دائم للبلاد / بعد أن ظلت بلادنا تحكم بدساتير مؤقته ردحاً من الزمان/ رغم أنها رائدة الاستقلال في إفريقيا والأولى في دول القارة جنوب الصحراء .

الأخوة والأخوات القضاة

الحضور الكريم

إننا نحمد للسلطة القضائية بأنها لم تنغلق على ذاتها ولم تُقصر دورها في قاعات المحاكم / وفي مسارات الأقوال/ والحثيات/ والسياسات/ والمرافعات/ المضادة/ بل بادرت بالتصدي لمهمة رفيعة المستوى وهي كيفية رفع المستوى الأكاديمي والمهني لممارسي مهنة القانون/ بشتى تصنيفاتهم بما في ذلك الكوادر المساعدة للوظيفة القانونية والقضائية / وذلك امتداداً للعديد من المبادرات التي أطلقتها في ذات المسار وتحملت فيها جهد التأهيل والصقل والتدريب لتأتي مبادرتها المتصلة جائزة أبو رنات للتميز المهني والأكاديمي علامة فارقة في مسيرة البحث العلمي في الوظيفة القانونية والقضائية وجدت منا قبولاً حسناً / استحقت به الهيئة القضائية والسيد رئيس القضاء تكريم الدولة لـمسيرة العطاء المتصل في العمل القضائي/ والنوعي في مجال الإرتقاء بعلميتها وكفاءتها ومهنيتها / الأمر الذي يدفعنا إلى دعوة كافة المسئولين في الوظيفة العامة لتبني مثل هذا التوجه العلمي سواء كان في مجالات المنظومة العدلية الأخرى النيابة العامة أو وزارة العدل/ أو في مجالات الوظائف التنفيذية وغيرها / بل وكافة القطاعات المهنية الأخرى في الدولة حتى نُشيع البحث العلمي والتميز الأكاديمي في مفاصل قطاعات الوظيفة العامة/ حتى يكون تميز العامل فيها تميزاً مزدوجاً علمياً وكفاءة مهنية/ وليس أن يكون العامل متميزاً فقط في المجال العملي وفق تقارير أداء لا تفي بالغرض المنشود وهو التطوير العلمي للوظيفة لرفع الكفاءة المهنية في هذه الوظيفة .

الحضور الكريم

إن اجتماعنا اليوم في دار قضاة السودان إحتفاءاً بالتميز الأكاديمي والمهني في المجال القانوني والقضائي/ فإننا نستحضر ذكرى القاضي محمد أحمد أبو رنات الأمر الذي يدفعنا للتأكيد مجدداً على حرص الدولة على استقلال القضاء وسيادة حكم القانون/ كما نؤكد على ثقتنا في قضاة بلادنا واعتزازنا بأدائهم المحمود حيث أصبحوا ملء السمع والبصر على المستوى الإقليمي والدولي/ ولنجدد حرصنا التام على المحافظة على هيبة القضاء/ لأن فيها تكمن هيبة الدولة التي أسسنا قواعدها على هدي من تقوى الله/ لا مجال فيها لمحاباة أو مجاملة/ منهجنا هو القضاء العادل والحكم الناجز .

وختـــامــاً ..

أرجو أن أحيي رؤساء القضاء السابقين وأترحم على الأموات منهم والذين حملوا راية تحقيق العدل في بلادنا/ كما أرجو أن أتقدم بالتهنئة والتبريكات لأصحاب البحوث الفائزة جعلها الله هادية لسواء السبيل لتحقيق الحكم العادل والقضاء الناجز سائلاً المولى عز وجل أن يديم علينا نعمة العدل والإنصاف أنه ولي التوفيق .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته