قمةالمناخ لم تنجز توافق

بعيد اختتام مؤتمر المناخ المخيب للآمال أمس في مدريد، تأسف الأمين العام للأمم المتحدة لكون المجتمع الدولي “فوت فرصة مهمة” لمواجهة “أزمة المناخ”، في ظل إحجام الدول الكبرى عن إصدار دعوة جديدة حاسمة لاتخاذ إجراء لمكافحة تغير المناخ، ما أثار انتقادات الدول الصغرى والناشطين في مجال الحفاظ على البيئة.
ونقلت “الفرنسية”، عن أنطونيو جوتيريش في بيان “لقد خاب أملي من مؤتمر كوب 25″، مضيفا أن “المجتمع الدولي خسر فرصة مهمة لإثبات طموح أكبر على صعيد تخفيف انبعاثات غازات الدفيئة والتكيف وتمويل الأزمة المناخية.. علينا ألا نستسلم ولن أستسلم”.
وتعتقد هيلين ماونتفورد نائب‭‭ ‬‬رئيس‭‭ ‬‬قسم المناخ والاقتصاد في معهد الموارد العالمية للأبحاث أن “هذه المحادثات تعكس مدى انفصال زعماء الدول عن أهمية العلم ومطالب مواطنيهم في الشوارع.. يحتاجون إلى الاستفاقة في 2020”.
وبعد عام طبعته كوارث مناخية ودعوات ملايين من الشبان الذين نزلوا إلى الشارع تأييدا لجريتا ثونبرج الناشطة السويدية الشابة والتقارير العلمية المحذرة، تعرض موقعو اتفاق باريس للمناخ لضغوط غير مسبوقة خلال مؤتمر الأطراف الذي ترأسته تشيلي، لكنه نقل إلى مدريد بسبب الأزمة التي تشهدها الدولة الأمريكية الجنوبية.
لكن في ختام المؤتمر الذي لم يختتم في موعده المقرر أصلا واستمرت مناقشاته 40 ساعة إضافية، لم تأت النصوص التي تم تبنيها منسجمة مع المطالبة بتحرك سريع.
ويحذر علماء من أنه لن تكون أمام العالم فرصة لتفادي حدوث ارتفاع كارثي في الحرارة إذا لم تتحرك الدول سريعا لخفض الانبعاثات بموجب عملية باريس التي تتوقف على تعزيز الأطراف أهدافها في 2020.
ودعا البيان الختامي إلى “خطوات عاجلة” لتقليص الهوة بين الالتزامات والأهداف التي نص عليها اتفاق باريس لجهة الحد من ارتفاع حرارة الأرض.
غير أن كاثرين آبرو من منظمة “كلايمت آكشن نتوورك” عدّت تلك النتيجة “دون التوقعات”.
وقال لورانس توبيانا مهندس اتفاق باريس “إن الفرقاء الرئيسين الذين كنا نأمل منهم تقدما لم يلبوا الطموحات”، مع ملاحظته أن تحالف الدول الأوروبية والإفريقية والأمريكية الجنوبية أتاح “انتزاع نتيجة هي الأقل سوءا في وجه إرادة كبار الملوثين”.
وكانت الرئاسة التشيلية طرحت أول أمس مشروع نص تسبب في مواجهة جديدة ودفع إلى إجراء جولة جديدة من المشاورات.
ورغم تحقيق تقدم متواضع، أعربت بعض الدول المتأثرة أكثر من سواها بالأزمة المناخية عن غضبها، وأشارت تينا ستيجي ممثلة جزر مارشال إلى أن النتيجة “ليست قريبة مما كنا نريده. إنه الحد الأدنى فقط”.
وعلقت هيلين ماونتفورد من معهد الموارد العالمية بأن “هذه المناقشات تعكس الهوة بين القادة من جهة والطابع الملح الذي ركز عليه العلم ومطالبات المواطنين في الشوارع من جهة أخرى”، عادّة روح اتفاق باريس باتت “ذكرى بعيدة”.
وفي محاولة لتقليص هذه الهوة، على كل الدول أن تقدم صيغة جديدة لخططها لتقليص الانبعاثات في انتظار انعقاد مؤتمر “كوب 26” في جلاسكو العام المقبل.
لكن المباحثات التي استمرت أسبوعين أظهرت في شكل واضح انقساما كبيرا داخل المجتمع الدولي.
والواقع أن أيا من كبرى الدول الملوثة لم تعلن أمرا ملموسا في اتجاه زيادة طموحاته، ولم تصدر منه أي إشارة إلى ذلك لعام 2020.
فالولايات المتحدة ستنسحب من اتفاق باريس في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، ولا بوادر إيجابية من الصين أو الهند.
وتشدد هاتان الدولتان على مسؤولية الدول المتطورة في أن تبذل جهدا أكبر للوفاء بوعودها بتقديم مساعدات إلى الدول النامية، قبل أن تتحدثا عن مراجعة التزاماتهما.
وحده الاتحاد الأوروبي “أقر” هدف الحياد المناخي في التكتل بحلول 2050، لكن القرار لا يشمل بولندا التي تعتمد إلى حد كبير على الفحم.
وعلى الاتحاد أن يسعى إلى زيادة التزاماته لعام 2030، ما قد يدفع شركاءه الدوليين إلى الاحتذاء به.
ووعد البريطانيون الذين سينظمون مؤتمر “كوب 26” بأن يبذلوا ما في وسعهم لإنجاح قمة جلاسكو.
وسبق أن نبهت جريتا ثونبرج إلى أن هذا العام من التحضيرات ستواكبه ضغوط الشارع، وكتبت على تويتر “العلم واضح، لكن العلم يتم تجاهله، مهما حصل فلن نستسلم، ما زلنا في البداية”.