صادرات السمك ورقة ضغط أوروبية على بريطانيا

ذكّرت فرنسا أمس بأن بريطانيا تصدر أغلب إنتاجها من السمك إلى دول الاتحاد الأوروبي، في إشارة إلى رغبتها في إجراء مساومة حول حقوق الصيد البحري خلال المفاوضات عقب “بريكست”. وبحسب “الفرنسية”، قال جان إيف لودريان، وزير الخارجية الفرنسي لوسائل إعلام فرنسية، إن “هذا النقاش سيكون متوازنا، فبينما نحتاج إلى النفاذ إلى المياه البريطانية، يحتاج البريطانيون للنفاذ إلى السوق الأوروبية”.
وأضاف أن بريطانيا، التي تعد من كبار منتجي السمك تحظى “بمياه غنية بالأسماك يصطاد فيها كثير من الأوروبيين، بدءا بفرنسيي بروتونيا والنورماندي والمنطقة الشمالية.. لكن بريطانيا تصدر 75 في المائة من منتجاتها السمكية إلى الاتحاد الأوروبي”.
ولن تكون لندن جزءا من السياسة الموحدة لأماكن الصيد، التي تعطي القوارب الأوروبية حقوق نفاذ متساوية إلى مناطق الصيد الأوروبية، بعد انتهاء المرحلة الانتقالية في 31 كانون الأول (ديسمبر).
ويسعى الطرفان لإبرام اتفاق تجارة بحلول ذلك التاريخ يشمل حقوق الصيد البحري، التي تمثل أهمية كبرى، خصوصا لفرنسا.
وحذر لودريان من أن بريطانيا لا يمكنها النفاذ إلى السوق الأوروبية المشتركة إلا في حال احترمت قوانين مكافحة الإغراق.
وأشار الوزير الفرنسي إلى أنه “في حال أرادت المملكة المتحدة تأسيس نموذج مشابه لسنغافورة.. فإننا لن نسمح بذلك لأن عليك احترام قوانيننا في حال أردت النفاذ إلى أسواقنا الداخلية”. أما بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني فذكر أن “استعادة السيطرة” على الصيد البحري تمثل إحدى أهم منافع إنهاء عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي.
بدورها، تسعى إيرلندا إلى عقد صفقة جيدة مع بريطانيا حول الصيد البحري، وقال ليو فرادكار، رئيس الحكومة الإيرلندي للبريطانيين: “ربما يتعين عليكم تقديم تنازلات في ملفات على غرار الصيد البحري للحصول على تنازلات منا في ملفات أخرى مثل الخدمات المالية”. ويطالب صيادو فرنسا باستمرار السماح لهم بالصيد في جزيرة جيرنزي الواقعة في القنال الإنجليزي والخاضعة بشكل مباشر للتاج البريطاني.
وأوضح ديمتري روجوف، رئيس رابطة الصيادين الفرنسيين في تصريحات لمحطة (فرانس إنفو) الإخبارية أن منع الصيد في هذه الجزيرة سيؤثر في 44 سفينة.
من جانبها، أفادت وزارة الزراعة الفرنسية أن جيرنزي حالة خاصة، مشيرة إلى أن السماح للصيادين الفرنسيين بالدخول إلى هذه الجزيرة يستند إلى اتفاقية لندن، التي انتهت الجمعة الماضي مثل عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.
وأضافت الوزارة أن السماح للصيادين الفرنسيين بالصيد في مياه جيرنزي مكفول حتى نهاية العام الجاري، لكن من الضروري الحصول على “تصاريح فردية” من السلطات هناك، مطالبة بسرعة توفير إجراء لهذا الغرض وذكرت أن السفن الفرنسية ليس لديها إذن بالدخول إلى الجزيرة بصورة مؤقتة.
وقال روجوف للمحطة “هذه قوارب صغيرة وشركات عائلات وهم مجاورون للقنال ويعملون في القنال الإنجليزي ولن يذهبوا إلى مكان آخر.. الأسماك ليس لها جنسية”.
وأكدت وزارة الزراعة الفرنسية أن إمكانية الدخول إلى المياه البريطانية مكفولة خلال المرحلة الانتقالية، وتعد جزيرة جيرنزي جزءا مما يعرف بملحقات التاج البريطاني ومن ثم فهي غير مرتبطة رسميا بالمملكة المتحدة أي أنها ليست جزءا من الاتحاد الأوروبي.
من جهة أخرى، يلقي رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون خطابا اليوم يرفض فيه تقديم تنازلات للاتحاد الأوروبي ويكشف الخطوط العريضة لسياسة المملكة المتحدة عقب “بريكست”، وفق ما قالت وسائل الإعلام البريطانية الأحد.
ونشرت جريدة “ذي أوبزرفر” مقالا بعنوان “اليوم الأول من “بريكست”: جونسون يختار القطيعة عبر صفقة تجارية متشددة” مع الاتحاد الأوروبي.
وورد في المقال أن “جونسون يستعد لإدخال المملكة المتحدة في معركة جديدة لا هوادة فيها مع الدول الـ27 الباقية في الاتحاد الأوروبي”.
ومن المنتظر أن يعرض رئيس الوزراء اليوم الخطوط العريضة لسياسة بلاده بعد “بريكست” الذي كان من أبرز دعاته.
وسيوضح جونسون موقفه من ترتيبات الانفصال مع الاتحاد، فرغم رمزية تاريخ 31 كانون الثاني (يناير) الماضي كموعد لخروج بريطانيا، يبقى انفصالها النهائي مؤجلا إلى ما بعد الفترة الانتقالية، التي تستمر إلى يناير المقبل. ووفق وسائل الإعلام، من المنتظر أن يتخذ جونسون موقفا حازما تجاه الاتحاد الأوروبي، يثير مخاوف من مواجهة جديدة.
وعنونت “صنداي إكسبرس” “بوريس للاتحاد الأوروبي: لا مزيد من التنازلات”.
وقالت الجريدة إنه من المنتظر أن يقترح رئيس الوزراء على حلفائه السابقين “عرضا إما يقبل وإما يرفض”، وشرحت أنه سيخير بروكسل بين “اتفاق تبادل حر شبيه بالاتفاق مع كندا أو اتفاق شبيه بالذي وقع مع أستراليا”.
من جهة أخرى، أكد مصدر حكومي لوكالة “برس أسوسييشن” البريطانية أن جونسون سيكون مستعدا للمخاطرة بإعادة فرض رقابة على الحدود في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق.
ويعود هذا التصلب في الموقف، وفق “صنداي تلغراف” إلى “محاولات الاتحاد الأوروبي إحباط إبرام اتفاق تجاري” مع المملكة المتحدة، وفق الشروط، التي فاوض على أساسها جونسون نهاية أكتوبر الماضي، وتؤكد الصحيفة أن رئيس الحكومة “غاضب”.
وقالت “صنداي إكسبرس” إن “بروكسل طلبت من المملكة المتحدة السماح لها بالنفاذ إلى منطقة الصيد البحري الخاصة بها، وتبني المعايير الاقتصادية الأوروبية وحرية الحركة عبر الحدود”. وفي مسعى للتهدئة، أدلى دومينيك راب وزير الخارجية البريطاني بتصريح لتلفزيون “سكاي نيوز” قال فيه “أنا متأكد أن الاتحاد الأوروبي يريد ضمان التزامه بإبرام اتفاق تبادل حر شبيه بالاتفاق الذي أبرمه مع كندا”.
ورأى راب أن هذا الاتفاق “الأفضل من نوعه” ويمثل “فرصة لتحقيق مكسب للطرفين.. سنستعيد السيطرة على قوانينا، وليست الغاية من ذلك تبني معايير الاتحاد الأوروبي”.