سودابديا تتناول تاريخ سواكن وأهميته الحضارية والاستراتيجية

الأخبار السياسية
346
0

  الخرطوم (سونا) – استضافت الموسوعة السودانية بوكالة السودان للأنباء البروفيسور عبده عثمان دياب؛ الباحث في الثقافة السودانية في منتداها التاسع امس؛ والذي جاء بعنوان “سواكن” التاريح والأهمية الحضارية والاستراتيجية؛ حيث تطرق البروفيسور عبده عثمان؛ لخلفية نشأة مدينة سواكن، مبينا أن الآثار على ساحل شرق أفريقيا وساحل البحر الأحمر الشرقي تشير الى استقرار جماعات وظهور سمات مشتركة، مشيرا الى أن الهجرات العربية التي قدمت قبل الإسلام وبعد الإسلام لمنطقة البجا؛ خاصة حضارة حضرموت وجدة، وفتح البجا أبوابهم للقادمين واختلاطهم مما نقل الزعامة لأبنائهم .

وقال البروفيسور إن أهمية موقع البحر الأحمر من العالم القديم مكنت لبعض المدن أن تنشأ على ضفتيه لتربط تجارة الشرق والغرب .
كما تطرق البروفيسور الى عمارة وزخارف مدينة سواكن، مشيرا الى أن منازل سواكن؛ سواء القديم منها ذو الطابق الواحد أو تلك المتعددة الطوابق؛ قامت على فلسفة المفهوم الإسلامي في إعداد المسكن للأسرة المسلمة؛ والتي راعت مجمل البيئة العمرانية القائمة على تراكمية الخبرات والعُرف وفق الفقه، وأهم ما يميز هذه الفلسفة هي ما اتبعه التخطيط في مراعاته للبساطة والخصوصية والتوافق مع البيئة باعتبارها شروطا لا بد منها.
وقال البروفيسور إن المدينة المندثرة حملت صفحات جدرانها قصة أهلها وتاريخهم الحافل بالأحداث والحقائق، لذلك فإن أهم مظاهر التطور لأي أمة هو مقدار ما بلغت من تعمير وبناء.
واضاف البروفيسور عبده إن مدينة سواكن أصغر من جدة في حجمها، وقد شيدها الحجازيون على نمط مدينتهم جدة وغالبية المباني من ثلاثة أو أربعة طوابق تتشابه في مساقطها الأفقية، وتتلاصق المنازل في شكل مربعات من ثلاثة أو أربعة منازل تفصلها أزقة صغيرة وقد تميزت المنازل بلونها الأبيض (مطلية بالجير الأبيض) وتتوزع الزخارف في الأبواب والنوافذ وغيرها .
ويلاحظ أيضاً أن الأوائل الذين استوطنوا الجزيرة قد اهتموا بمبدأ أساسي يراعي عند اختيار مواقع المدن الإسلامية الجديدة، وهو الحماية، وهذا واضح في سواكن سواء في مرفئها الآمن للسفن أو الجزيرة لساكنيها، فهي معزولة تماماً بالماء من الشاطئ، ورغم اكتظاظ المدينة بالمنازل إلا أن صغر مساحتها جعل الحركة فيها سهلة.
كما تطرق للعمارة الدينية في سواكن (مساجد سواكن)، قال إن الفترات التي شيدت فيها المساجد في سواكن لم تحدد، ويعتقد أنه لعدم تبعية سواكن المباشرة للخلافة في شمال العالم الإسلامي، بتسلسلها التاريخي لم تحظ سواكن باهتمام وسلطة الخلافة المباشرة.
واشارالبروفسير لنماذج من المساجد؛ كمسجد السيد تاج السر والمسجد الشافعي، مشيرا الى أن طراز المآذن في المسجد المجيدي والحنفي والشافعي وشناوي وتاج السر هو الطراز التركي بتصرف في اختلاف طول المئذنة من الأصل والاكتفاء في سواكن بالارتفاع حتى الشرفة الأولى، واجتمعت كل المآذن أيضاً على البدن المثمن؛ مسجد تاج السر هو الوحيد الذي احتوى على شرفتين، وتطرق الى أساليب الزخارف، مبينا أن معظم منازل العمارة المدنية والدينية في سواكن تميزت باستخدام أسلوبي نحت الحجارة، و نقش البياض في الجدران، إلي جانب الترصيع بالبلور الصـخري، والذي يخص به – في أغلب الأحيان – جدران الديوان أو من الخارج في منازل الأغنياء. كما تميزت المســاجد في زينتها باسـتخدام الأسـلوبين، من نحت ونقش للبياض بالداخل والخارج، وفي المنبر والمحـــراب والمداخل، ووضح أن لكل من العمارة المدنية والدينية وظيفته وعناصره المكونة له؛ حيث اتبعت أساليب مختلفة لمعالجتها من ناحية تصميمها كي تتناسب وهذه الوظيفة، ( ويلاحظ أن أهل سواكن لم يهتموا بزخرفة الجدران الخارجية لمنازلهم وما وجد منه محدود، مع أن السودان قد التحم بالثقافة العربية وبالدين الإسلامي وأصبح جزءاً من الحضارة الإسلامية إلا أن العنصر المادي لهذه الحضارة المتمثل في شكل العمارة؛ لم يتمثل إلا في مباني مدينة سواكن وحدها، ولم يتعداها لبقية السودان .
واتصفت المباني في سواكن بكل معايير البناء في العمارة الإسلامية في شقيها المدني والديني وظهرت الفنون الصغرى – أيضا – مكملة لاحتياجات المدينة من نجارة وحدادة وخياطة، كما أن مباني سواكن تزدهر في فترات وتهمل في أخرى بسبب رواج التجارة أو كسادها ، بجانب أن الهيمنة على ممر البحر الأحمر من القوى العظمى سلبت من تجار المدن القائمة على ضفتيه جل عائد التجارة واحتكرت عنهم نقلها وإعادة تصديرها؛ فانعكس ذلك على حياة المدن وهو واحد من أهم الأسباب التي أدت – في النهاية – لإخلاء مدينة سواكن وهجرة أهلها لبورتسودان الميناء الجديد وبقية مدن السودان .
ودعا البروفيسور عبده – في ختام محاضرته – الى ضرورة الاهتمام بأن ترتبط العملية التعليمية والثقافية بجذور التراث الذي قامت عليه الأمة السودانية، والعمل على إحياء مدينة سواكن بشكلها الخارجي، وذلك مقرون بإحيائها كمدينة سياحية، ومنتجع على البحر الأحمر و إدخال مفهوم ومناهج العمارة الإسلامية في كليات العمارة والتصميم الداخلي، مع ضرورة إيجاد حوافز للمؤسسات المعمارية الاستشارية التي تعكس في نشاطها المعماري سمات العمارة الإسلامية .
وتشير (سونا) الى أن المنتدى عمه حضور غفير من أساتذة الجامعات والأكاديميين والباحثين والمختصين واستمع الى مداخلات من العديد منهم .