السلاح الكيماوي في جوبا لمحاربة من؟

الاخبار العالمية
506
1

هل ستصبح دولة جنوب السودان الوليدة مثل كوريا الشمالية الشيوعية تملك أسلحة الدمار الشامل وشعبها يعاني من الأزمة الاقتصادية؟! إن الأوضاع في كوريا الشمالية أفضل منها في معظم دول إفريقيا، لكنها تحتفظ بسلاحها المدمِّر خشية أعدائها المجاورين لها في كوريا الجنوبية الرأسمالية الغنية التي تنتج وتصدر سيارات سوناتا وآكسنت وداماس «أمجاد» وغير ذلك.. وفقر كوريا الشمالية جعل منتجات كوريا الجنوبية يقال عليها كورية فقط دون الحاجة إلى «كوريا جنوبية»، بمعنى أن كوريا الشمالية لا تنتج وتصدّر حتى يراعى التعريف الدقيق بمصدر المنتوجات.

الآن تقول الأخبار إن دولة جنوب السودان رغم افتقارها للآليات العسكرية المناسبة لحماية الأمن الداخلي، تتطلع لامتلاك الأسلحة الكيمائية. وهذا طبعاً يحدث في غياب الديمقراطية والبرلمان الفعال والوعي الاجتماعي الذي قاسته القوى الأجنبية بما حدث مؤخراً من حرب قبلية بلبوس سياسي. وجوبا طبعاً لم تعلن أو تحاشت كشف تسلمها لشحنة الأسلحة الكيماوية، لكن المعارضة الجنوب سودانية التي تهتم بكل شاردة وواردة وداخلة وخارجة هناك، هي التي كشفت عن استلام جوبا شحنة الأسلحة الكيماوية.

وبالطبع فإن المجال مفتوح والطريق ممهدة أمام حكومة سلفا كير لكسب مثل هذه الصفقة الإرهابية ما دامت تربط بين جنوب السودان وإسرائيل صداقة عميقة منذ مرحلة التمرد.. وكذلك امتدت الصداقة إلى مرحلة سيناريو مفاوضات كينيا ومرحلة الفترة الانتقالية التي كانت مخصصة لسحب سيادة ومؤسسات السودان القومية من جنوب السودان، وكان هذا غريباً لأنه جاء سابقاً لإعلان نتيجة الاستفتاء لأبناء الإقليم الجنوبي حول تقرير مصير إقليمهم، ما يعني أن المفاوضات بالفعل كانت في الجانب الآخر سيناريوهات كل ما سيحدث بعده إجرائياً وشكلياً. وهذا ما حدث بالفعل. فلم تكن هيئات سلفا كير وباقان ومن شايعهما في قضية تقرير المصير، تدل على تخوفهم من أن تكون نتيجة الاستفتاء غير الانفصال. وبعض القراءات كانت تقول إن الانفصال أرادته الأغلبية الشمالية وليست الأغلبية الجنوبية.

مشروع دولة في جنوب السودان لم يكن أصلاً من أجل قبائل الجنوب أو المواطنين الجنوبيين الذين يصعب أن توحدهم هوية واحدة على الأقل على المدى القريب والمتوسط، إذا تفاءلنا على المدى القريب، لكنه من أجل تحقيق مصالح للقوى الأجنبية في القارة الإفريقية والقوى الأجنبية ليست مستعدة لإقامة دولة نفطية في الجنوب ذات اقتصاد منتعش ومستوى معيشي مرتفع رغم أن عائدات النفط يمكن أن تحقق ذلك. ذلك لأنها مستعدة فقط لخدمة المشروعات الغربية والصهيونية في المنطقة وهي مشروعات قائمة على الأطماع والحسد والأنانية واحتقار الآخر.

فالقوى الأجنبية تتعامل مع شعب الجنوب وكل قبائل إفريقيا السوداء كما كانت تتعامل مع الرقيق الذي كانت تجلبه من القارة عبر ما كان يسمى بميناء العبيد في جزيرة غوري السنغالية.

وما زالت هذه العقلية موروثة جيلاً بعد جيل في دول الاستكبار. وهنا نسأل: لماذا الاهتمام بشحنة الأسلحة الكيماوية لبلد مفترض أن تحول عائدات نفطه لمعالجة مشكلاته الأمنية والخدمية والاقتصادية؟ هل هو تآمر أمريكي تكرره واشنطن بعد أن نفذته في العراق حينما تقاضت «25» مليار دولار لتجهيز الجيش العراقي، ورغم ذلك لم يدخل إقليم كردستان الذي استقل «حمرة عين» ثم فر وهرب من أول طلقة أطلقتها قوات داعش؟ هل السلاح الكيماوي لمحاربة النوير أم محاربة دول الجوار؟

المصدر المركز السوداني للخدمات الصحفية