الخارجية: بيان”الترويكا” تدخلاً فى الشئون الخاصة للسودان

اصدرت وزارة الخارجية مساء امس بيانا أكدت فيه ان البيان الذي نشرته السفارة الامريكية فى الخرطوم بموقعها الالكتروني امس باسم دول “الترويكا” يعتبر فى مجمله تدخلاً فظاً فى الشئون الخاصة للسودان، وقالت الخارجية ان البيان تجاهل أن إعلان حالة الطوارئ وما أعقبه من أوامر تم وفقاً لدستور البلاد، كما تجاهل بيان “الترويكا” تأكيدات رئيس الجمهورية بالحرص على حماية الحقوق والحريات وتحقيق العدل.

وفيما يلي تورد “سونا” نص البيان الذي اصدرته وزارة الخارجية مساء اليوم :

نشرت السفارة الأمريكية فى الخرطوم بموقعها الإلكتروني أمس بياناً بإسم دول أعضاء الترويكا (المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، النرويج ) وكندا حول إعلان حالة الطوارئ فى البلاد والاوامر التنفيذية التى صدرت بموجب ذلك.

يمثل هذا البيان فى مجمله تدخلاً فظاً فى الشئون الخاصة للسودان بل ينبني على افتراض ضمنى هو أن للدول الثلاث التى تسمى نفسها “أعضاء الترويكا” تفويضاً خاصاً للتعامل مع قضايا السودان، وإضافة من تشاء من الدول الأخرى إلى هذه المجموعة مانحة ذات التفويض لها.

وحيث ان هذا أمر ليس له سند من القانون الدولى او الاعراف الدبلوماسية المستقرة ، فانه بالتالى لايمكن القبول به، فكون ان الدول الثلاث كانت من الضامنين لاتفاقية السلام الشامل في ٢٠٠٥ لا يعني أن لديها تفويضا مفتوحا للتدخل في شؤون السودان الداخلية، خاصة بعد أن نفذت تلك الاتفاقية وانفصل جنوب السودان في ٢٠١١.

اضافة الى ذلك قد أختزل البيان المبادرة السياسية الشاملة التى أعلنها السيد رئيس الجمهورية ليل الجمعة 22/2/2019 فى مسألة إعلان حالة الطوارئ فى كل البلاد، كما تجاهل أن إعلان حالة الطوارئ وما أعقبه من أوامر تم وفقاً لدستور البلاد، ايضا تناسى البيان أن الاعلان عن حالة الطوارئ أمرمعروف فى القانون الدولى بل يقره العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية، وتمارسه العديد من الدول إذا دعت الظروف لذلك وفقاً لدساتيرها وإلتزاماتها القانونية.

ومن أحدث الامثلة لذلك حالة الطوارئ الوطنية التى أعلنها الرئيس الأمريكي هذا الشهر، وقبله إعلان الرئيس الفرنسى فى ديسمبر2018 حالة الطوارئ الإقتصادية والإجتماعية فى مواجهة مايُعرف بمسيرات ذوى السترات الصفراء. وما كان للبيان ان يتجاهل ان حالة الطوارئ مطلوبة في بلد اتحادي كالسودان لإعطاء رئيس الجمهورية السلطات اللازمة لحل حكومات الولايات وإعفاء حكامها. بل لم يكن للبيان ان يتجاهل ان حالة الطوارئ قائمة أصلا في عدد من ولايات السودان تشمل ولايات دارفور وكردفان وكسلا منذ سنوات دون ان يصحب ذلك تعليق اي من الحقوق والحريات الاساسية.

 كما تجاهل البيان أن الأوامر التى صدرت بموجب حالة الطوارئ لم تعلق اي من الحريات او الحقوق وإنما هدفت بالأساس للتأكيد على الالتزام بالقانون عند ممارسة هذه الحقوق واستهدفت الممارسات الإقتصادية الضارة بالإقتصاد الوطني والفساد، فما زعمه البيان من أن أوامر الطوارئ قد جرمت الإحتجاجات السلمية فهو زعم عار من الصحة، ذلك لأن هذه الأوامر منعت التجمُعات غيرالمرخص بها، وذلك مما يدخل في تنظيم ممارسة هذه الحريات في كل البلدان الديمقراطية.

كذلك تجاهل البيان تأكيد رئيس الجمهورية الحرص على حماية الحقوق والحريات وتحقيق العدل وإستكمال التحقيقات فى التجاوزات التى صاحبت التعامل مع الإحتجاجات.
وقد كان متوقعاً أن يتضمن البيان ترحيباً بالدعوة للحوار الموجهة من قبل رئيس الجمهورية لكل القوى السياسية وتشجيع الشباب على المشاركة فى هذا الحوار وتعهده بأن يقف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية إلى جانب إلتزامه بتشكيل حكومة كفاءات لتسيير البلاد لحين إستكمال إستحقاقات ذلك  الحوار.

إن وزارة الخارجية إذ تجدد إلتزامها بالإنخراط الإيجابى مع كل أطراف المجتمع الدولي تعيد التذكير بالمبادئ التى يقوم عليها النظام الدولى المعاصر المُتمثلة فى إحترام سيادة الدول وإستقلالها وحق شعوبها فى أن تُقرر كيف تدير شؤونها دون تدخل من الاطراف الخارجية.