اراء أصحاب المصلحة فى سد النهضة

الخرطوم (سونا)         لا تزال الفرصة قائمة للتوصل إلى تفاهمات بشأن النقاط العالقة بمباحثات سد النهضة بين الدول الثلاث مصر والسودان واثيوبيا ولقد  بذل السودان مؤخرا جهودا مشهودة في كل مستويات التفاوض، للحفاظ على حقوقه المائية والوصول الى اتفاق يعزز المصلحة الوطنية، دون الاضرار بحقوق الاخرين اوغمطهم حقهم في استخدام المياه وفقا للقوانين و الاتفاقيات الدولية

وللتعرف على مجمل اراء عامة الناس و رغامهم و مختصيهم بما يعطي صورة عامة لرؤية السودانيين حول المكاسب و الخسائر التي قد تقع على السودان من وجهة نظر العامة من غير السياسيين جراء إنشاء السد استطلعت وكالة السودان للأنباء عدد من السودانيين والخبراء الذين تباينت أراؤهم حول مكاسب السودان إلا أنها أجمعت على أهمية الحوار للوصول للاتفاق وعلى أن يراعي السودان مصلحته القومية أولا في كل المواقف التي يتخذها؛ وهو ما أكده الناطق الرسمي باسم الحكومة وايضا أمن عليه وزير الري والموارد المائية مؤخراً.

فقد دعا دكتور عبدالله صالح سفيان خبير المياه، حكومات الدول الثلاث إلى التمسك بالحوار بعيدا عن الضغوط الدولية والاتفاق حول النقاط الخلافية مشيرا إلى أن السد يحقق تنمية مستدامة واستقرارا كبيرا ونماءا لشعوب المنطقة. وأكد صالح أن سد النهضة ليس مشروعا سياسيا  بل توجد مبررات ودوافع اقتصادية وتنموية وبيئية دفعت إلى إنشائه الا انه استنكر غياب مراكز البحوث والدراسات الإستراتيجية والأكاديمية في مجالات المياه ومنظمات المجتمع المدني عن لعب دورها في التوعية والتنوير حول مشروع السد حيث تقل معرفة الناس بأهمية المياه كثروة وطنية وعالمية.

وقد وافق عدد من خريجي الجامعات السودانية  على راي الخبير حيث دعو إلى انه من المهم جدا ان تضع الحكومة  السودانية رؤى إستراتيجية تجاه السد تحسبا لأي سيناريو الان و مستقبلا تكون ذ1ات صلة بالسد. و في هذا دعا موسي عبد العزيز خريج كلية الحاسوب (جامعة كردفان) الحكومة إلى التعامل مع مشروع السد علي أساس أنه قضية أمن قومي وان يتم تنوير المواطنين بشفافية بحول كافة التفاصيل المتعلقة بالمباحثات

وأضاف موسى :” إنا كمواطن أرى أن العقلية التي ادارت ملف سد النهضة لم تستند على روئ وتخطيط استراتيجي مما أظهر السودان بدور الوسيط في المفاوضات  لكنه استعرض إيجابيات سد النهضة  وامكانية زيادة التوليد الكهرباء وتأثير ذلك بتقليل نفقات الطاقة التشغيلية للكهرباء على القطاعات الإنتاجية والسكنية مبينا أن السلبيات تتمثل في حجز الجزء الأكبر من الطمي الذي يأتي من الهضبة الاثيوبية ، مما يقلل من خصوبة الأراضي بالإضافة إلى توقع حدوث كوارث في حالة تعرض السد لأي مخاطر لعدم وجود بحيرات لتصريف المياه الزائدة

ولكن أحمد كوكو خريج كلية الجيولوجيا (جامعة البحر الأحمر) اضاف سببا اخر اعتبره من المثالب المرتبطة ببناء و تشغيل السد خلافا لراي عدد من الخبرا،عندما قال أن سد النهضة يقلل من سرعة جريان النهر في فترة ملء السد ويخفض من كمية التعرية للطبقات المتاخمة لسطح النهر ووتخفيض كمية الرواسب المحمولة بواسطة النهر، و زاد بان السد سيعزز من كمية المياه الجوفية لإثيوبيا وذلك عن طريق زيادة كمية التغذية للخزانات الجوفية في منطقة السد وفي المقابل سيؤدي إلى إنخفاض كمية منسوب المياه مما سيؤثر سلبا على تغذية خزانات السودان الجوفية على طول النيل الأزرق ونهر النيل.

واكدت الطالبة سارة فتحي أن سد النهضة يشكل نقلة كبيرة لأثيوبيا ، فهو أكبر سد كهرومائي في أفريقيا وأضافت قائلة “أن للسد منافع كثيرة لاثيوبيا والدول المجاورة ومنها السودان” ونبهت إلى  مخاوف مصر من ان يتسبب السد في وقوع اضرار عليها وقالت: ” من المفترض أن تقدم أثيوبيا دراسات كاملة حول السد مع مراعاة الشفافية في تقديم الدراسات لتطين مصر بانها  تخسر نصيبها من مياه النيل الأزرق” مستندة في حديثها ، على الاتفاقية التي وقعت بين مصر وإثيوبيا والسودان على عدم قيام أي مشروع على النيل يسبب ضرر على الدول الثلاثة.

وقال محمد يوسف (طالب جامعي) أن للسد فوائد وأضرار في آن واحد مضيفا أن من فوائده زيادة منسوب المياه المندفعة وزيادة الإنتاج الكهربائي ، متوقعا أن يحدث الضرر في حالة أي خلاف دولي وربما يؤدي الموقف المحايد الذي اتخذه السودان والي بحثه عن مصلحته اولا، إلى توتر العلاقات مع مصر التي تعتمد على مياه النيل في التوليد الكهربائي والزراعة.

وترى رحاب عادل علي أن سد النهضة هو مشروع القرن بالنسبة لأثيوبيا لدفعه عجلة الإنتاج فيها لقطاعي الزراعة والكهرباء وتوفير المياه والثروة السمكية وأشارت إلى أن تأثير سد النهضة على دول الجوار يأتي بتناسب طردي ابتداءا من السودان مرورا بمصر، لافتة إلى أن نسبة الضرر على السودان ضئيلة مقارنة بأن بالفائدة الكبيرة من قيام السد، بينما قد تفقد مصر جزءا كبيرا من مخزونها المائي -الذي كان ياتي من نصيب السودان -مما سيؤثر على الاقتصاد المصري بصورة ملحوظة . وأضافت رحاب بأن الجدل المستمر منذ بداية المشروع دار بين مصر وأثيوبيا ، فيما ظل السودان في حالة حياد لانه طرف اصيل و ليس وسيطا- كما حاول البعض رسمه ووسمه ابان الايام الاولى من المفاوضات

وأرجع مصطفى محجوب ( طالب جامعي) معظم الأضرار الناتجة من السد قد تلحق بمصر التي تعتمد على مياه النيل بصفة أساسية وأكد على ضرورة تقديم ضمانات كافية لمصر.

وتوقع المهندس محمد محمود إن ينتج السد حسب الدراسات 6000 ميغاواط من الطاقة الكهربائية واستقرار المنسوب وتقليل الفيضانات والطمي وزيادة الرقعة الزراعية .

وأضاف ان من أكبر الفوائد التي سيجنيها السودان هو توفير الطاقة الكهربائية بأسعار رخيصة من أثيوبيا ودعا إلى الانتباه إلى أمان السد من الانهيار الذي يقدر سعته التخزينية الكاملة (74 مليار متر مكعب) مطالبا الحكومة بالترقب لأى سيناريو انهيار يحدث أو مشكلة في التشغيل.

وأشار خبير البيئة دكتور بشرى حامد إلى أن سد النهضة هو أحد الأحداث الكبرى في القرن الحالي وله تأثيرات كثيرة على السودان من النواحي البيئية والاقتصادية والاجتماعية والزراعية ومن إيجابيات السد استمرار انسياب المياه في نهر النيل على مدار العام بدلا من الفترة المحدوده (3 أو 4 شهور) حيث سيتمكن السودان من زراعة ثلاثة فصول وبالتالي زيادة الإنتاج الزراعي الذي له تأثير كبير على تسويق منتجات السودان بأوقات مختلفة واضاف تشمل إيجابيات السد مسألة الملاحة النهرية فهي من وسائل النقل والمواصلات الرخيصة التي يمكن الاستفادة منها، بالإضافه لزيادة السعة الاستيعابية للخزانات.

وقال أن من السلبيات حجز الطمي ومنع تجديد التربة في السودان وهي من المشاكل الكبيرة التي تؤدي إلى فقر التربة وقلة الإنتاج وزيادة استخدام الأسمدة والمبيدات وبالتالي زيادة معدل التلوث بالنسبة التربة وللمحصولات الزراعية وكذلك زيادة تكلفة إنتاجها وما يترتب على ذلك من انتشار الآفات مثل الاماثودا التي يتوقع ظهورها.

وأشار دكتور بشرى إلى أن مسألة انهيار السد وأمانه تحتاج إلى دراسات وتأكيدات وقد وصفها بعدم الشفافية، فعند إنشاء السد لم يكن هنالك تنوير للمواطنين في السودان والأن المعلومات المتوفرة عن السد ضعيفة وشحيحة فمن المفترض أن يتم تقييم الأثر البيئي والصحي الاجتماعي لافتا إلى ضرورة استشارة أصحاب المصلحة وعمل دراسة واضحة .

وعدد الباحث معز ماهر فوائد سد النهضة في تسع نقاط أولها   الاستقرارالسياسي والاقتصادي في أثيوبيا مما يقلل من حركة القدوم الغير شرعي لأعداد كبيرة من اللاجئين بحثا عن العمل في السودان ومن ثم محاولات العبور إلى دول أوروبا عبر البحر مما يقلل حركة مافيا تجارة البشر عبر قنواتهم التي ماتوا فيها آلاف من الشباب والشابات بحثا عن لقمة العيش الكريم.

و قال ان الفائدة الثانية هي التأثير المباشر على السودان في حال الالتزام بكامل الاتفاقات في تبادل المعلومات اليومية لحركة ومناسيب المياة بين السودان وأثيوبيا وذلك لضمان استقرار المياه والكهرباء في السودان وأيضا حماية سد الرصيرص وباقي السدود في السودان ففي هذه الحالة سيكون هناك تاثيرا كبيرا في استقرار المواسم الزراعية وتوسيع الرقعة المزروعة بالإضافة إلى ضمان حركة الصادر من الخضروات وغيرها من أنواع الفواكه وضمان عائدات مادية كبيرة تساهم في رفد الاقتصاد وأيضا ضمان الاستقرار السياسي في المنطقة بشكل أكبر.

وزاد بان الفائدة الثالثة حسب الاتفاقات ضمان تمويل السودان بالكهرباء مما يساعد في الاستقرار الصناعي وضمان زيادة الإنتاج ، والرابعة ضمان الشراكات السياسية لصالح حماية البلدين لأن سد النهضة يبعد من الحدود السودانية حوالي خمسين كلم فقط ومن الطبيعي أن تحافظ أثيوبيا علي ضمان الاستقرار السياسي مع السودان كحليف استراتيجي .

مبينا أن الفائدة الخامسة ارتفاع معدلات الأمطار المتوقعة مما يساعد علي توسيع المساحات المزروعة وأيضا من ناحية أخرى تلطيف الجو الذي سيساعد في ضمان أكثر للقدوم السياحي وطول مدة مواسم السياحة.

وووفقا لبشرى فان الفائدة السادسة هي زيادة هطول الأمطار هو ضامن لزيادة الثروة الحيوانية ومن ثم صادرات اللحوم وعودة الحيوانات البرية إلى الاستقرار مرة أخرى كما كانت في السابق، والسابعة ربط التاريخ القديم بفتح أبواب التعاون أكثر مع دولة أكسوم القديمة وضمان السياحة البينية بين الدولتين
‬‏واكد أن الفائدة الثامنة المرجوة توفير عمالة كبيرة حيث أن مخزون المياة سيقوم عليه مشاريع زراعية داخل الأراضي السودانية بشراكات بين الدولتين لوجود مساحات زراعية كبيرة ومسطحة داخل السودان  والتاسعة ضمان إستخدام حصة السودان من مياه النيل بطرق علمية واضحة ومجدولة بتخطيط يضمن استغلالها بشكل مستقر.

أما بخصوص ما يثيره البعض من مخاوف انهيار السد استبعد الأستاذ ماهر ذلك قائلا:” مقارنة بالسدود السابقة التي بنيت بمجهودات بسيطة وقبل تطور التكنلوجيا وأيضا قبل تطور الهندسة ودراسات الجيوفيزيا وأجهزتها المتطورة حاليا ، فمازالت تلك السدود تقف كما هي دون أي مشاكل فما بالنا في سد يقام في 2020 بكامل أنواع التكنولوجيا الرقمية والمعملية وحسابات الهزات الأرضية وقياس حركتها وخلاف ذلك الهضبة الإثيوبية هي حجارة بركانية في مناطق سد النهضة وهي أكثر ضمانا من كل السدود التي أنشئت في الحجر الرملي (Sandston).

وتبقى هذه اراء شريحة من الخبراء وعامة الناس من الوسط العام اي من غير السياسين وتظل مكان اخذ وعطاء وقابلة للنقد والنقض الا انهم جميعا اكدوا تعظيم الفوائد على السودان.

تقرير/ أماني قندول