ندرة المياه عامل يهدد بزعزعة الاستقرار

قال تقرير دولي صدر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة والبنك الدولي إن ندرة المياه في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من ضمنها المغرب، يمكن أن تكون عاملاً مزعزعاً للاستقرار.

وأشار التقرير، الذي حمل عنوان “إدارة المياه في النظم الهشة: بناء الصمود في وجه الصدمات والأزمات الممتدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، إلى أن الإدارة الفعالة للموارد المائية يمكن أن تكون مفتاحاً للنمو والاستقرار.

وشدد خبراء منظمة “الفاو” التابعة للأمم المتحدة والبنك الدولي على أن “عدم الاستقرار المقترن بضعف إدارة المياه يمكن أن يتحول إلى حلقة مفرغة تزيد من تفاقم التوترات الاجتماعية بين السكان”.

وحث التقرير دول المنطقة، ومن بينها المغرب، على الانتقال من السياسات التي تُركز على زيادة الإمدادات إلى الإدارة طويلة الأجل للموارد المائية، عوضا عن السياسات غير الفعالة التي تجعل السكان عرضة لآثار ندرة المياه، والتي تفاقمت بسبب تزايد الطلب وتغير المناخ.

ويؤكد التقرير على أهمية اتباع نهج يعتمد على معالجة التأثيرات قصيرة الأجل لندرة المياه والاستثمار بشكل مواز في الحلول طويلة الآجال والاعتماد على التكنولوجيات الجديدة لدعم النمو المستدام.

وأورد التقرير عدداً من المبادرات والحلول التي تحاول الصمود أمام موجات الجفاف وندرة المياه، منها تخطيط المغرب لتركيب أكثر من 100,000 مضخة شمسية للري بحلول عام 2020.

وأشار التقرير إلى وجود استغلال مفرط للمياه الجوفية في المغرب، مفيداً بأن 833 مليون متر مكعب من المياه غير المتجددة يتم ضخها سنوياً في عدد من النقط المائية في جهات المملكة، خصوصاً في الوسط.

والمناطق التي تعرف ضخاً للمياه بشكل كبير حسب التقرير توجد في اشتوكة وبني عمير وبرشيد وعين بني مطهر وسوس والحوز وبني موسى وسايس والصويرة وجرسيف ومجاط والشرق وملوية.

ويأتي هذا التقرير الذي يحذر من تأثيرات ندرة المياه بعدما عاشت عدد من المدن المغربية خلال مناسبة عيد الأضحى غياب مياه صالحة للشرب في الصنابير؛ كما يعرف فصل الصيف سنوياً احتجاجات متفرقة في المناطق البعيدة جراء شح الماء.

وتفيد إحصائيات التقرير الدولي بأن أكثر من 60 في المائة من سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يتركزون في أماكن متضررة من إجهاد مائي سطحي مرتفع أو مرتفع جداً، أي يتم استغلال الموارد المائية بشكل كبير وغير مستدام.

وحذر التقرير من الاستمرار في تجاهل حل معضلة الماء بالقول إن “ندرة المياه المرتبطة بالمناخ ستتسبب في خسائر اقتصادية تُقدر بـ6 إلى 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050، وهي النسبة الأعلى في العالم”.

والخسائر الاقتصادية في المنطقة التي ينتمي إليها المغرب تعني ارتفاع معدلات البطالة. كما يتفاقم تأثير ندرة المياه على سبل العيش التقليدية، مثل الفلاحة، حسب ملاحظات الخبراء الذين أعدوا التقرير.

وكنتيجة لذلك، يشير التقرير إلى خطر وصول العالم إلى انعدام الأمن الغذائي واضطرار الناس إلى الهجرة، إلى جانب تزايد الإحباط من حكومات غير قادرة على ضمان تقديم الخدمات الأساسية.

وحسب إحصائيات الحكومة فإن الموارد المائية بالمغرب من بين أضعف الموارد في العالم، ويعتبر من بين البلدان المتميزة بأقل نسبة من الماء لكل نسمة، إذ تقدر الموارد المائية بـ22 مليار متر مكعب في السنة، أي ما يعادل 700 م3 لكل نسمة في السنة.