ميدان الاخبار:شعب جنوب السودان يحتفل بالسلام ويشكر البشير

احتفل شعب جنوب السودان يوم الثلاثاء الماضي بميدان الحرية بجوبا باتفاق السلام الذي جرت مفاوضاته في الخرطوم سبتمبر الماضي

وتم التوقيع النهائي عليه بين الحكومة والأطراف المعارضة بأديس أبابا.

وشهد الاحتفال عدد من رؤساء الدول على رأسهم المشير عمر البشير رئيس الجمهورية ورئيس دولة يوغندا يوري موسفيني والرئيس الصومالي محمد عبدالله محمد ورئيسة جمهورية أثيوبيا الاتحادية سهلى ورق زودي وممثل الحكومة المصرية رئيس الوزراء، بجانب ممثلين لعدد من المنظمات الإقليمية والدولية والبعثات الدبلوماسية المعتمدة في جوبا.

وقد خرج المواطنون زرافات ووحدانا رجالاً ونساءً منذ الصباح الباكر بأزيائهم المزركشة والملونة وثقافتهم المتعددة التي تعبر عن مكونات شعب جنوب السودان وهم يجوبون شوارع وأزقة مدينة جوبا للتعبير عن فرحتهم وسعادتهم بالسلام الذي تحقق ويرددون (نريد سلاماً.. لا للحرب). ولبست مدينة جوبا حلة زاهية ورفرفت أعلامها في كل مكان إيذاناً بالاحتفال بالسلام، وتجرد المواطنون عن إنتماءاتهم القبلية والحزبية والمناطقية من أجل وطن واحد هو جنوب السودان.

وفور وصول رئيس الجمهورية المشير عمر البشير إلى ميدان الحرية استقبله الحضور بالتصفيق والهتافات ووقفوا وهم يلوحون بأياديهم تقديراً وشكراً لما قام به من جهد في تحقيق السلام وبادلهم الرئيس البشير نفس الشعور.

وكانت حفاوة استقبال البشير من قبل شعب الجنوب دليل على تقديرهم لمجهوداته بجمع الفرقاء بدولة الجنوب ورعايته واستضافته لهم بالخرطوم حتى توصلوا إلى سلام ينهي صراعاً دام سنينا ذاق خلالها المواطنون بسببه ألواناً من العذاب.

واستعرض المواطنون فنونهم المختلفة والمتنوعة واستقبلوا قادة المعارضة الجنوبية الذين جاءوا من الخرطوم استقبال الفاتحين ولوحوا بأيديهم كناية عن رضاهم التام لهذا الاتفاق، وأن السلام مطلب الجميع وعبروا عن حفاوتهم وسرورهم ببزوغ فجر السلام وهم يرددون عبارات: (نعم للسلام والوحدة بين أبناء الوطن الواحد.. لا لا للحرب).

وعندما التقى الرئيس سلفاكير مع دكتور مشار تصافحا على المنصة بحرارة وتبادلا الابتسامات وسط تصفيق الحشود التي امتلأت بهم ساحة الاحتفال.

وجدد رئيس الجمهورية المشير البشير لدى مخاطبته الاحتفال تعهده بالوقوف مع دولة جنوب السودان حتى يتحقق السلام الشامل ويتوقف صوت البندقية، قائلاً: ( إن إمكانات السودان ستكون تحت تصرف الجنوب إلى أن يعيش كل مواطنيه في أمان وسلام)، وأضاف ” نحن مرتبطون وجدانياً ولدينا مسؤولية أخلاقية تجاه جنوب السودان، وأريد أن أرى أي مواطن هنا آمناً ومستقراً، ولن نترك الجنوب حتى نرى المزارعين عادوا إلى مزارعهم والأطفال إلى مدارسهم والرعاة إلى مراعيهم لبناء جنوب سودان جديد كل المواطنين فيه متساوون”.

وقد منحت جامعة جوبا خلال الاحتفال الدكتوراة الفخرية للرئيس البشير تقديراً لجهوده الكبيرة في تحقيق السلام في دولة جنوب السودان، كما تم تكريم قادة دول الإيقاد.

من جانبه أكد رئيس جمهورية جنوب السودان الفريق سلفاكير ميارديت حرصه والتزامه بتنفيذ اتفاق السلام، وقال إن المناخ أصبح مهيئاً لتحقيق السلام، مؤكداً أن ذلك لا يتم إلا بدعم المجتمع الإقليمي والدولي.

وأشاد سلفاكير بجهود رئيس الجمهورية المشير عمر البشير وآخرين في تحقيق السلام في بلاده، وقدم اعتذاراً للجماهير الغفيرة التي احتشدت بميدان الحرية لما أصاب الشعب جراء الحرب باعتباره رئيساً للدولة. في الوقت نفسه دعا كل الأطراف إلى دفع عملية السلام حتى يعيش شعب جنوب السودان في أمن واستقرار.

وفي ذات السياق قال الدكتور رياك مشار زعيم المعارضة الجنوبية “كان موعد وصولنا لجوبا متوقعاً له ثمانية أشهر من التوقيع على الاتفاق، إلا أننا سارعنا بالعودة والمشاركة في الاحتفال لقطع الطريق أمام التخمينات والتكهنات التي ترى أننا رافضون لاتفاق السلام”، وشدد على ضرورة الترويج والتبشير بالسلام في مناطق الجنوب المختلفة وشرح مضامينه وفوائده لعامة الناس.

وأكد مشار أنهم وقعوا على السلام من أجل إيقاف الحرب ووقف معاناة الناس، داعياً إلى ضرورة أن تكون القوات النظامية في جنوب السودان قومية التكوين وموحدة تمثل كل الشعب، داعياً كل الوحدات التي تحمل السلاح أن تتوحد في وطن واحد مثلما توحد شعب جنوب السودان بميدان الحرية؛ من أجل استغلال موارد البلاد وتقديم الخدمات وتحقيق الأمن والاستقرار.

كما طالب بتقوية نظام الحكم واعتبر النظام الفدرالي هو الأنسب لحكم البلاد؛ كما نصت عليه اتفاقية السلام، مشدداً على ضرورة إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإلغاء قانون الطوارئ وإطلاق حرية التعبير من أجل عودة اللاجئين والنازحين.

وقال وزير الدولة بوزارة الإعلام والاتصالات وتقانة المعلومات مأمون إبراهيم إن مشاركة السودان لدولة جمهورية جنوب السودان احتفالاتها بالسلام تأتي تأكيداً للاستحقاق الأدبي والأخلاقي تجاهها وذلك لما يربط البلدين من علاقات ممتدة وروابط ومصالح مشتركة، فضلاً عن التأكيد على إنزال مقررات السلام على أرض الواقع.

وأضاف أن السلام رسالة إيجابية وأن الشعوب قادرة على تجاوز كل الحروب وويلاتها من خلال المنابر الثقافية، مشيراً إلى اللوحة الثقافية التي سطرها مواطنو الجنوب بميدان الحرية برقصاتهم المختلفة.

وأكد توك قلواك مستشار رئيس جمهورية جنوب السودان التزام حكومة جنوب السودان بتنفيذ كل بنود اتفاقية السلام، منوهاً إلى تأكيد الرئيس سلفاكير على ذلك بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين فوراً وإعلانه المتكرر بأنه يريد السلام.

وقال: ” نجدد شكرنا وتقديرنا للرئيس البشير والوفد الكبير المرافق له وعلى الأخص الأخ الدرديري محمد أحمد وزير الخارجية وصلاح عبد الله مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني، ونؤكد لهم جميعاً أننا مع السلام في السودان وجنوب السودان، إذ نحن شعب واحد في دولتين، ونسعى دائماً لتوطيد علاقات التعاون بين البلدين لجهة أن ما يصيب أحداهما إيجاباً أو سلباً قطعاً سيصيب الآخر.

من جانبهم عبر عدد من المواطنين الجنوبيين الذين استطلعتهم (وكالة السودان للأنباء) من داخل ميدان الحرية عن فرحتهم بالسلام، وقالت عرفة ماشجار مواطنة نحن سعداء وفرحانيين ونثمن مجهودات السودان الذي وفق في تقريب وجهات نظر الأطراف الجنوبية، ونؤكد سعادتنا بهذا السلام لأننا قطفنا ثماره وندعو الأطراف بالالتزام بتنفيذ بنود الاتفاق، كما ندعو المجتمع الدولي بدعم السلام في جنوب السودان.

وقال القسيس متول نحن كلنا نطلب ونريد السلام ونتمنى أن يعيش شعبا السودان وجنوب السودان في سلام دائم ونحن شعب واحد في بلدين، وندعو الأخوة في جنوب السودان أن يحافظوا على السلام خاصة أننا في حرب منذ الخمسينيات ولم نحقق السلام إلا بالتفاوض.

وقال عبدالله اروب دينق: نحن سعداء بالسلام وإن علاقاتنا مع دولتنا الأم السودان علاقة تاريخية وجغرافية، ويجب أن نعمل سوياً من أجل التعاون المشترك والسلام لأنه اسم من أسماء الله.

أما كوال دينق فقال: انتظرنا السلام كثيراً والحرب مزقت البلاد ودمرت مواردها، واليوم الحمد لله تحقق السلام ونحن دايرين سلام، ونشكر الأخوين سلفاكير ومشار لتحقيقهما السلام، ونرجو أن نحافظ عليه. كما نشكر الرئيس البشير رئيس جمهورية السودان على سعيه الدؤوب واهتمامه الكبير لتحقيق السلام في جنوب السودان ونحن أصلاً شعب واحد في بلدين.

وعبر جاكوب شول ادوت عن سروره وفرحته بالسلام وقال: هذا يوم عظيم وتاريخي وسيفتح أبناء جنوب السودان صفحة جديدة من أجل أن يعم السلام كل أرجائه، ونتمنى أن تكون هنالك إرادة سياسية لوقف الحرب حتى ينعم الشعب بالأمن والسلام والاستقرار.