كلمة البشير فى افتتاح أعمال المجالس الرئاسية

الخرطوم (سونا) – فيما  يلى تورد وكالة السودان للأنباء نص كلمة السيد رئيس الجمهورية المشير عمر البشير الذي القاها اليوم فى افتتاح أعمال المجالس الرئاسية  بالقصر الجمهورى .

بسم  الله  السميع  العليم/  والحمد  لله  الذي  قدر  فهدى/  والصلاة  والسلام  على  خاتم  الأنبياء  والمرسلين/  المبعوث  رحمة  للعالمين  النبي  المصطفى/  وعلى  آله  أجمعين/  والسلام  على  أنبياء  الله  ورسله  للعالمين .

يقول  الله  تعالى في محكم  تنزيله  :

]رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا[

                                                            (الكهف الآية 10)

الأخوة   والأخوات  أعضاء  المجالس  الرئاسية

الحضور  الكريم

السلام  عليكم  ورحمة  الله  تعالى وبركاته

       بحمد  الله  وتوفيقه  تلتئم  مجالسنا  الرئاسية  في  هذا  الشهر  الكريم  /  وفي  خواتيم  أيامه  المباركة نتضرع  فيها  للعلي  القدير  الرحيم  الغفور  /  أن  يتقبل  منا  جميعاً  الصيام  والقيام  ويجعلنا  من  عتقائه  إنه  على  ذلك  لقدير .  تجئ جلستنا  هذه  استهلالاً  لبدء  المجالس  الرئاسية  لأعمالها  / لأداء  المهام  المنوطة  بها  وفقاً  لما  حددته  قرارات  تشكيلها  / وهذا  شأن  قومي  يشكل  مرحلة  حيوية  في  تطور  آليات  عملنا  على  المستوى  القومي  / تختص  بإعتماد وتنفيذ  ومتابعة  التوجه  الاستراتيجي للدولة  لضبط  إيقاع  أدائنا وضبط  مساراته / وفق  الأهداف  المعلنة / تستجمع  القوى  والطاقات / لبلوغ  مرامي  الرؤى  والغايات  الاستراتيجية  في  المستقبل  المنظور  / .

الأخواة والأخوات

         إن  جهدنا  لا  يزال  يتداعى  تأسيساً  على  “الوثبة”  التي  أطلقناها  منذ  يناير  من  العام 2014م / التي  استهدفنا  بها  تضافر  الجهود  الوطنية  لإنفاذ  إصلاح  شامل  لمناحي  الحياة  العامة  بما  يهيئ  لبلادنا  فرصة  استكمال  جهودنا  التنموية  /  وقد  نجحت  جهودنا  الجمعية  بحمد  الله  وتوفيقه  في  تأسيس  برنامج  متكامل  لإصلاح  الدولة  يواليه  الأخ  النائب  الأول  لرئيس  الجمهورية / عبر  لجنة  عليا  بالمتابعة  وفق منظور  مفاهيمي  بأن  الإصلاح  عملية  مستمرة  أنجزنا  فيه  مرحلته  التأسيسية / ونتطلع  للانتقال  إلى  المرحلة  الثانية  منه / التي  تفضي  بأجهزتنا   لامتلاك  القدرة  والتأهيل  الكافي  لخدمة  المواطن / باعتبارها  غاية  الإصلاح  المؤسسي / من  خلال  امتلاك  مؤسسات  الخدمة  العامة  في   بلادنا  لمعايير  الجودة  والتميز  في  أداء  الأعمال /  ونرجو  أن  تشهد  أيامنا  القادمة  المرحلة التطويرية الثانية  لبرنامج  إصلاح  أجهزة  الدولة / وفق  مرتكزات  عملية  قابلة  للقياس  والتقويم / تجعل  مؤسساتنا  مؤهلة  للنهوض  بواجبات  التنمية حتى  يتحول  الإصلاح  إلى  منهج  عمل  مستديم  في  الدولة /.

      كذلك  نجحت  جهودنا  المشتركة / في  انجاز  حوار  وطني  ومجتمعي  غير   مسبوق  في  التاريخ  المعاصر  لبلادنا / خرجنا  منه  بعهد  بين  كافة  أهل  السودان / جسدته  الوثيقة  الوطنية  والتي  تعتبر  حجر  الأساس  للعدالة  الاجتماعية / والشورى  والديمقراطية / حيث  جاءت  الوثيقة  برؤية  جديدة  لنظام   الحكم /  وأفرزت  نظاماً  سياسياً  يعول  عليه أن يكون  فاعلاً  في ترسيخ  الوحدة  الوطنية / فقد  ابتكرت  مخرجات  الحوار   الوطني  إطاراً جديداً  ومفاهيم  وآليات  جديدة  للسياسات/  والحكم  والإدارة / وحركة  المجتمع  / وننتظر  وفقاً  لمقتضيات الوثيقة  الوطنية  وعن  الدستور  الذي  سيتولد  عنها  تحولات  جذرية  في  الحياة  السياسية/  وإنطلاقاً  من  هذا  الوعي  / حرصت  رئاسة  الجمهورية  ومن  خلال  اللجنة  العليا  لمتابعة  إنفاذ  مخرجات  الحوار  الوطني  / على  إنزال  هذه  المخرجات  على  أرض  الواقع  / وتطبيقها  بصورة  جادة  فأنشأت  عددا  من  الأجهزة  والأليات  الفاعلة  التي    تضمن  التنفيذ   على  النحو  المطلوب .

الأخوة  والأخوات

          لقد  أفرزت  مخرجات  الحوار  جملة  من  الآليات  / بعضها  اتصل  بشؤون  الرئاسة  / والبعض  الآخر  بشؤون  مجلس  الوزراء / وفي  ضوء  ذلك  جاء  تشكيل  المجالس  الرئاسية  / والتي  تأسست  على  السلطات  الدستورية  لرئيس  الجمهورية  / وفق  منظور  تعزيز  بناء  دولة  المؤسسات  / وترسيخ  أسس  الحكم  الرشيد / وتكريس  روح  الشورى  والمشاركة  لكافة  القطاعات  الفاعلة/  سياسياً  واقتصادياً  / واجتماعياً  / واستندت  على  ما  نصت  عليه  مخرجات  الحوار  الوطني  / نصاً / وروحاً / والقاضية  بتكوين  مجالس  تغطي  محاور  عمل  هذه  المخرجات/  ولذلك  جاء

         تعلمون  أخوتي  وأخواتي  بأننا  قد  أعلنا  في  العام  الماضي  أمام  الهيئة   التشريعية  القومية  عن  برنامج  تركيزي  /  لإعادة   ترتيب  أولوياتنا  للفترة  2018 و 2020م  وذلك  لمعالجة  مجالات  حيوية  في  أداء  الدولة /  تهدف  لتحقيق  السلام  الشامل  وترسيخ  السلم  الأهلي  /  فضلاً  عن  معالجة تداعيات  الوضع  الاقتصادي  / وفق  تدخلات  مباشرة  من  رئاسة  الجمهورية/  لتهيئة  الظروف المطلوبة  لتحقيق  استقرار  اقتصادي  في  ظل  تحديات  متعاظمة  خارجية  وداخلية  / كما  أعلنا  عن  آليات  تنشأ   برئاسة  الجمهورية  / لمتابعة  تنفيذ  هذا  البرنامج  وتأتي  هذه  المجالس  وفاءاً  لذلك  الوعد   ولتتماهى  مع  البرنامج  التركيزي  / حيث  جاء تشكيلها مرتكزاً  على  سلطات  رئيس  الجمهورية  التي  حددها  الدستور / وتأسيساً  على  توصيات  الحوار  الوطني  في  توصياته  نحو  تفكير  جمعي  لإيجاد  الحلول  لمشكلات  بلادنا  / وتفضيل  خياراتها  المتاحة  في  تحقيق  مشروع  البناء  الوطني /  ولذلك  تمثل    هذه  المجالس / دعماً  لنهج  الدولة  في  تكامل  المؤسسات / وفق  منهج  استراتيجي  لاستشراف  وصناعة  المستقبل  المنظور .

الأخوة   والأخوات

               لقد  جاء  تشكيل  المجالس  الرئاسية  وفـق  طبيعة  خاصة/ جعلت  منها  أقرب  الي  فرق  عمل  متخصصة  / مفتوحة  مُشكلة  من  أصحاب  المسئولية  الدستورية  في  الأداء  التنفيذي/  وممثلي  أصحاب  المصلحة/  لاستعراض  وتقديم  خيارات  السياسات  العامة/  والخيارات  الاستراتيجية/  التي  تعزز  من التدابير  المطلوبة   لمواجهة  التحديات/ لتكون  هذه  المجالس  إطاراً  لإحكام  تنسيق  السياسات  الكلية  للدولة/  وفقاً   لاختصاصات  كل  مجلس/  حيث  حرصنا  على  حشد  الاختصاص  والخبرة  المطلوبة  في  عضوية  هذه  المجالس/  حتى  تنجز  واجبها على  النحو  المأمول .

          فما  هو  منتظر  من  مجلس  شؤون  رئاسة  الجمهورية/  دعم  اتخاذ  القرار  برئاسة  الجمهورية/  لتأمين  المسار  الاستراتيجي  للدولة/  ومتابعة  ترسيخ  أسس  الحكم  الرشيد/  وتقويم  تقارير  الولاة  وإحكام  التنسيق  وتحقيق  التكامل  بين  أجهزة  الدولة/ فضلاً  عن   متابعة  تنفيذ  المهام  الموكلة  لمساعدى  رئيس  الجمهورية /.

           وأملنا  متعاظم  في  أن  يكون  المجلس  القومــــي  للاقتصاد  الكلي  بأن   يكون هو  الهــــــادي  لمسيرة  اقتصادنا/  وفق  منظور  شامل  يطور   مكامـــن  القــــوة ويعالج  مواطن  الضعف  في  كل  مفاصل  أدائنا  الاقتصادي/  وينظر  في  البدائل  والخيارات التي  تواكب  المرحلة/  ويقود  الجهد  الوطني  نحو  تحقيق  النهضة  الاقتصادية/  وبما  يحقق  التوظيف  الأمثل  للموارد  في  توفير    الاحتياجات  العاجلة  للمجتمع  والدولة/  فضلاً  عن  تقويم  أثر  الاستثمارات  الأجنبية  على  المسار  الاستراتيجي  للاقتصاد  الكلي/  .

     كما  نرجو  أن  ينجح  المجلس  القومي  للإعلام  في  تحديد  مرتكزات  النظام  الإعلامي  الوطني/  ورسم  آفاق  فضاءاته  والقائم  على  المواءمة  بين  الحرية  الإعلامية/  والمسئولية  الإجتماعية/  بما  يعكس  تطورات  الأوضاع  في   بلادنا/  ويمتلك  قدرة  التصدي   للمعالجات  الإعلامية  الجائرة/  وننتظر  منه  على    وجه  أدق  بناء  استراتيجية/  لتأسيس  منظومة إعلامية  متطورة  تجعل  من  السودان  مركزاً  إقليمياً  للإعلام/ .

الأخوة  الكرام

        وجاء  تشكيلنا  للمجلس  القومي  للسياسات  الخارجية  ليكون  مرتكزاً  لإعادة  ترتيب  الأولويات  للعمل  الخارجي/  وتحديد  المصالح  الوطنية  العليا  في  علاقة  بلادنا  بمحيطها/  وتوفير   المرونة  اللازمة  في  سرعة  اتخاذ  القرار  المتصل  بالسياسة  الخارجية/  ليتولى  المجلس  تخطيط  ورسم  السياسة  الخارجية/ والإشراف  الدقيق  على  تطوير  آليات وهياكل  المؤسسات  العاملة   في  إنفاذ  السياسة  الخارجية  لصيانة  المصالح  القومية  وفقاً  لموجهات  وتوجيهات  دبلوماسية  الرئاسة /  .

        أما  المجلس الأعلى  للسلام/  فإننا  نتطلع  أن  يبذل  جهده  وطاقات  عضويته  لتحقيق  آمال  شعبنا  في  السلام/  والوحدة/  واستكمال   الوفاق  الوطني  بين  القوى  السياسية/  وتحقيق  الوئام  الأهلي  في  بلادنا/  ودفع  الحس  الوطني/  لتعزيز  الأمن  والاستقرار/  وتعزيز  بناء  الثقة/  وحشد   وتعبئة  الجهود  الرسمية  والشعبية/  ودعم  الدول  الشقيقة  والصديقة/  لمواصلة  تنفيذ  برنامج  إعادة  الإعمار  والتوطين  والعودة  الطوعية/  بما  يحقق  التنمية  الشاملة  في  الولايات  المتأثرة بالحرب/  والمساهمة  في  الإرتقاء  بالعمل  الوطني  لمنظمات  المجتمع  المدني/  التي  تعمل  في  مجالات  السلام/  ونشر  ثقافة  السلام/  بما  يساهم  في  ترسيخ  وحدة  الجبهة  الداخلية  باستكمال  السلام  المستدام/ .

       ولا شك  أن  مجلس  الدفاع  والأمن  الوطني  الذي  ظل  راسخاً  في  أدائه/  سيولي  عنايته  لتخطيط  مسار  السياسة  الأمنية  للبلاد/  وإحكام  التنسيق  بين  الأجهزة  الأمنية/  والإشراف  العام  على  سير  العمل  الأمني  تعزيزاً  لأمن  الدولة   والمجتمع/  وصيانة  استقلال  وسيادة  البلاد /.

الأخوة  والاخوات الكرام

           إن  بلادنا  تواجه  جملة  من  تحديات/  تجعلها  تواجه  أوضاعاً  مفصلية  في  مسيرتها  نحو  السلام  والتنمية  تتطلب  تضافر  الجهد  وشحذ  الهمم  لتجاوز  العقبات/  ونؤكد   أن  ثقتنا  في  الله  ثم  في   أنفسنا  ستدفعنا  للتغلب  على   كل  ما  يواجهنا  من  مصاعب  في  تحقيق  السلام  وتجاوز  العقبات  الاقتصادية/  وإننا  سوف  ننجح   بعون  الله  ومشيئته  في  إعمار  بلادنا  بعزم  وسواعد  بنيها/  وإنني  من هذا  الموقف  أخاطب  عبركم  شعبنا  الأبي  بكافة  مكوناته  وفصائله/  لتوحيد  الصف  الوطني/  داعياً  أبناءنا  الذين  إختاروا  طريق الإحتكام  للعنف/  إلى  الإلتحاق  بمسيرة  التنمية  والإعمار/  كما  أجدد  التأكيد  على  أن  باب  الانضمام  لمسيرة  الحوار  الوطني  ما  يزال  مشرعاً  ولن  نوصد  باب  له  ولن  نسد  فيه  مدخلاً  ولن  نألو  فيه  جهدا  للراغبين  في  اللحاق  بركب  السلام  والوحدة  من  أجل  بناء   السودان  .

الأخوة  والأخوات

           إن  تنفيذ  مخرجات  الحوار  الوطني  تظل  مسئولية  رئيس  الجمهورية  وأجدد  العهد  هنا  أمامكم  وأمام شعبنا  الأبي/  بأننا  سنولي  متابعة  التنفيذ  لهذه  المخرجات  وفق  المواقيت  الزمنية  المقررة  وإن   كان  مشروع  “الوثبة”  قد  أنجزنا  منه  مرتكزات  ثلاثه/  برنامج  أجهزة  الدولة/  والحوار  الوطني  بشقيه  السياسي  والمجتمعي / فإن  مقبل  الأيام سوف  يشهد  وضع  المرتكز  الرابع  للوثبة  موضع  التنفيذ  والمتمثل في الحوار  حول  الدستور  والذي نستهله  بإعلان  تكوين   اللجنة  القومية  لإبتدار  الحوار  حول  الدستور  الدائم/  والتي  ستعمل  تحت  الإشراف  المباشر  لرئاسة  الجمهوريـــة  ومن  هنا  أوجه  الجهات   المعنـــية  باستكمال   مشاوراتها  حول  تكوين  هذه  اللجنة  من  قوى  سياسية  وحركات  وشخصيات  قومية  وقوى  مجتمع  فاعلة  حتى  يتسنى  إصدار  الإعلان  بتشكيل  اللجنة   القومية   بالسرعة  المطلوبة  لتتولى  رئاسة  الجمهورية  توفير   كافة  مطلوباتها  التي  تعينهـــا  كما  أرجـــو  أن  أوجه  بالإســـراع   باستكمال   تكوين   الآليـــات   والمفوضيـــات  التي  أقرها  الحوار   الوطني  حتى  نهيئ  بلادنا  للانتقال  إلى  مرحلة  سياسية  جديدة  نستهلها  بانتخابات  حرة  شفافة  في  2020م  لبناء  سودان  السلام   والوفاق  الوطني  .

       وختاماً  فإني  أدعوكم  أخوتي  وأخواتي  الكرام للبدء  في  إنعقاد  مجالسكم  تباعاً  لأداء  مهامه  ووضع  برامج  عمل  هذه  المجالس  التي  نأمل  أن  تكون  نموذجاً  في  الأداء  المؤسسي  وفق  قيم  الشورى  والديمقراطية  وتوظيف  المنهجية  العلمية  في  إدارة  شئون  الدولة  والمجتمع  والمحافظة  على  المسار  الاستراتيجي  للدولة  .

                        والله  ولي  التوفيق …

والسلام  عليكم  ورحمة  الله  تعالى وبركاته