اللجان الفنية (لأوبك) تبحث تداعيات أزمة «كورونا»

بدأت اجتماعات اللجان الفنية في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفائها التي تستمر على مدار يومين لبحث تداعيات أزمة فيروس (كورونا) على استقرار سوق النفط الخام، حيث شارك في الاجتماعات لأول مرة يوانج كون سفير الصين أمام المنظمات الدولية في فيينا.
يأتي ذلك فيما عادت أسعار النفط الخام إلى تحقيق مكاسب نسبية بفعل التفاؤل بالتحرك المرتقب لدول (أوبك+) نحو إجراء تخفيضات أكثر عمقا فى مستويات الإنتاج بما يعوض ضعف الطلب الناجم عن الانتشار الواسع لفيروس كورونا فى الصين الذي تسبب في شل أوجه الحياة في البلاد خاصة حركتي التنقل والطيران.
وقادت تداعيات انتشار فيروس كورونا إلى تسجيل أدنى مستوى لأسعار النفط الخام في أكثر من عام، كما فقدت الأسعار نحو 20 %من أعلى مستوى لها تم تسجيله في 8 يناير الماضي.
ويتوقع المعنيون بالسوق خصم تحالف (أوبك +) لنحو 500 ألف برميل يوميا من المعروض العالمي خلال اجتماعهم الطارئ المرجح في منتصف الشهر الجاري.
وقال لـ(الاقتصادية)، مختصون ومحللون نفطيون، “إن الضغوط الهبوطية تهيمن بشكل كبير على الأسعار خاصة مع تسجيل خام برنت أدنى مستوياته في 13 شهرا في ظل تعثر الطلب على النفط في إطار ارتفاع عدد ضحايا فيروس (كورونا) وتجاوز معدل وفيات فيروس سارس في عامي (2002 – 2003.م(
وأشاروا إلى انخفاض سعري برنت والأمريكي بنحو أكثر من عشرة دولارات خلال الشهر الماضي، حيث تخلى النفط عن 20 %من سعره في شهر يناير الماضي.
وأوضح المختصون أن الاجتماع الوزاري المقبل لـ(أوبك+) في مارس المقبل ربما يكون قاب قوسين أو أدنى من تقديم موعده للتفاعل والرد على أزمة الفيروس المتصاعدة، مؤكدين أهمية الاتصالات التي جرت أخيرا بين السعودية وروسيا على أعلى مستوى لبحث تطورات وضع السوق والتأكيد على مواصلة التعاون والتنسيق.
وقال سيفين شيميل مدير شركة (في جي إندستري) الألمانية إن تعافي النفط الخام من الأزمة الراهنة بات مهمة ثقيلة في ظل وجود مؤشرات قوية على ضعف الطلب والأمر ليس قاصرا على مجرد الجوانب النفسية والمعنوية الضعيفة جراء حالة الذعر في السوق.
واكد أن اتجاه تحالف (أوبك+) نحو إضافة خفض جديد بنحو 500 ألف برميل يوميا ادى إلى تحسن نسبي وعودة الأسعار إلى التماسك وتعويض بعض من الخسائر الحادة السابقة.
وذكر أن حالة الذعر في السوق ما زالت مستمرة بسبب سرعة انتشار المرض وهو ما ادى بدوره إلى بيانات جديدة تؤكد تعثر مستويات الطلب تحديدا بعدما خفضت الصين طلبيات الواردات النفطية لشهر مارس المقبل خاصة من دول (أوبك).
وقال إن بعض التقديرات تذهب إلى أنه من المرجح أن ينخفض الطلب على النفط في الصين بنسبة 20 % مقارنة بالطلب العادي في هذا الوقت من العام بسبب القيود الصارمة المفروضة على السفر داخل الصين وكذلك من وإلى الصين وهو ما يقدر بنحو ثلاثة ملايين برميل يوميا.
من جانبه، قال ماركوس كروج كبير محللي شركة (أيه كنترول) لأبحاث النفط والغاز إن الطلب العالمي على النفط الخام الذي كان مثقلا على مدار 18 شهرا مضى جراء تعثر مفاوضات النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين لم يكد ينتعش نسبيا مع اتفاق التجارة الأولي حتى واجه ضربة أخرى أشد إيلاما، متمثلة في انتشار وباء كورونا بشكل سريع ومدمر للاقتصاد الصيني وبالتالي للاقتصاد العالمي.
وأشار إلى أنه بحسب البيانات الدولية الواردة من الصين في الوقت الحالي فإن المصافي الصينية تواصل تخزين الوقود غير المبيع بوتيرة سريعة لكن مع مرور الوقت سيتم امتلاء جميع الطاقات التخزينية ومن ثم يتوقف شراء واستيراد النفط الخام من (أوبك) وعديد من الدول المنتجة، وبالتالي لا بديل في المرحلة الراهنة وبشكل سريع عن فرض مزيد من القيود على الإنتاج للحد من انهيار الأسعار وإجراء محاولة لاستعادة التوازن بين العرض والطلب.
من ناحيتها قالت نايلا هنجستلر مدير إدارة الشرق الأوسط وإفريقيا في الغرفة الفيدرالية النمساوية، إن الأزمة بدأت من الصين وتجاوزت حدودها لتهدد كل دول العالم، مشيرة إلى أن أزمة فيروس (كورونا) تدفع إلى تخفيض توقعات النمو الاقتصادي في جميع أنحاء العالم وتتجه الأنظار إلى اجتماع (أوبك+) المرتقب وسط توقعات بتمديد خفض الإنتاج من مارس إلى يونيو المقبل، وهو الخيار المنطقي المطروح بقوة في ظل الظروف الراهنة وفي ضوء الأزمة المستعرة.
وأشارت إلى أن الصين دون شك تعيد حساباتها خاصة على صعيد الاقتصاد ووضع الطاقة، مرجحة أنه سيتم تخفيض هدف النمو الاقتصادي للبلاد لعام 2020م مع زيادة التواصل والتفاوض مع الجانب الأمريكي للتوصل إلى بعض المرونة بشأن التعهدات في اتفاقهم التجاري في المرحلة الأولى كنتيجة مباشرة لهلع البلاد من تفشي الفيروس.
بدوره أوضح أندريه يانييف المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة أن المدى الزمني للأزمة غير معروف في أغلب الدوائر الاقتصادية والمالية وهو ما يعزز حالة القلق في الأسواق ومثال على ذلك تخفيض مجموعة (سيتي جروب) الدولية توقعاتها لأسعار النفط الخام في ضوء تقديراتها بأن تستمر تداعيات الأزمة وآثارها حتى الربع الرابع من العام الجاري.
وذكرت أن تفشي الفيروس بحسب تقارير دولية موثوقة أحدث تغييرا جذريا في النظرة الاقتصادية للصين والعالم، لافتة إلى أن التدابير التي اتخذتها الحكومة الصينية ترقى إلى مستوى الإغلاق الكبير للاقتصاد في مقابل شكوك حول جدوى إجراء خفض جديد لمستويات الإنتاج بشكل أعمق من قبل (أوبك) وحلفائها على استعادة التوازن في السوق خاصة فيما يتعلق بعلاج الفائض المتنامي المتوقع في مستوى المخزونات.
وفيما يخص الأسعار تعافت أسعار النفط أمس، لترتفع ما يصل إلى 1 % بعد تراجعها في الجلسة السابقة، في ظل آمال بأن تخفيضات إنتاج جديدة من (أوبك) وحلفائها ستعوض أثر أي انخفاض في الطلب على الوقود ربما ينشأ بفعل تفشي فيروس كورونا في الصين.
وبحسب (رويترز)، فإنه بحلول الساعة 08:24 بتوقيت جرينتش بلغ خام برنت 54,94 دولار للبرميل، مرتفعا 49 سنتا أو نحو 0,9% ، كما زاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 68 سنتا أو 1,3 % إلى 50,79 دولار.
وعلى الرغم من المكاسب التي سجلها أمس، فإن الانخفاض المستمر على مدى الأسبوعين الماضيين بفعل مخاوف بشأن تأثر الاقتصاد العالمي بسبب فيروس (كورونا) ما زال يضع الأسعار عند مستوى يقل أكثر من 20 % عن ذروة العام الجاري التي سجلها الخام في الثامن من كانون الثاني (يناير) وانخفاض الأسعار أمس الأول يجعل الخام عند أدنى مستوى في أكثر من عام.
وقالت مصادر مطلعة، إن منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفاءها بما في ذلك روسيا، المجموعة المعروفة باسم (أوبك+)، يدرسون خفض إنتاج الخام بكمية إضافية قدرها 500 ألف برميل يوميا بسبب تأثر الطلب بفعل فيروس (كورونا).
وقالت مارجريت يانج المحللة لدى (سي.إم.سي ماركتس) إن تنفيذ خفض بواقع نحو نصف مليون برميل يوميا متوقع لكن لا يمكننا أن نستبعد خفضا أكبر إذا تدهور الوضع هذا التوقع عزز تجارة النفط اليوم.
وعلى الرغم من العودة إلى تداولات أكثر هدوءا ما يعكس حركة أسواق مالية أخرى أمس، حذر جولدمان ساكس من أنه بينما يتوقع أن يستجيب منتجو النفط للوضع عبر خفض الإنتاج فإن تأثير تفشي فيروس (كورونا) في الطلب من المرجح أن يحافظ على التقلب مرتفعا في الأسعار الفورية.
وقال عاصم جهاد المتحدث باسم وزارة النفط العراقية لـ(الفرنسية)، إنه حسب احتياجات السوق وتداعيات فيروس كورونا عليها، هل سنحتاج إلى تخفيض إضافي سيناقش هذا الشيء بحسب التقارير التقنية المقدمة.
وأضاف جهاد اللجنة التقنية تناقش النصائح التي سيرفعونها إلى وزرائهم وأي تخفيض سيعلن في الاجتماع على المستوى الوزاري.
والاجتماع الوزاري المقبل لدول (أوبك) بقيادة السعودية وحلفائها خارج المنظمة وفي مقدمتهم روسيا لا يزال مقررا في الخامس والسادس من آذار (مارس) ومع القلق من فيروس (كورونا) تم في الأيام الأخيرة تداول إمكان تقريب موعد الاجتماع.
وقال بيارني شيلدروب كبير محللي السلع في نورديك بنك سيب، إنه في الوقت الحالي تبدو السوق راضية عن احتواء الصين للفيروس وإدارته والأسوأ سينتهي قريبا دون انتشار متسارع خارج الصين وأن (أوبك) ستتدخل بتخفيض الإنتاج وتمنع فائضا في المخزون.
من جانب آخر تراجعت سلة خام (أوبك) وسجل سعرها 55,51 دولار للبرميل أمس مقابل 58,94 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) أمس الثلاثاء إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول تراجع عقب ارتفاع سابق، كما أن السلة خسرت نحو ست دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 61,98 دولار للبرميل.