الغذاء العالمي وتحديات تفاقم النزاعات والجوع

يكافح العديد من سكان العالم بشكل يومي لتوفير القليل من الطعام لكبح جماح الجوع  ولمنح أطفالهم وجبة مغذية خاصة في مناطق النزاعات.

وفي عالم اليوم ومع كثرة النزاعات والحروب وافرازاتها من اللجوء والنزوح ظهرت فجوة كبيرة فى الغذاء حيث يبلغ سكان العالم 815 مليون نسمة وفقا لاخر الاحصاءات السكانية ونجد ان واحد من بين كل تسعة أشخاص لا يزالون ينامون كل ليلة بمعدة خاوية وواحد من بين كل ثلاثة أشخاص يعاني من أحد أشكال سوء التغذية.

ويمثل القضاء على الجوع وحالات سوء التغذية أحد التحديات الجسام التي يواجهها سكان العالم في عصرنا الحاضرحيث ان عدم كفاية الغذاء أو كونه غير صحي لا يتسبب فقط في معاناة الناس وسوء حالتهم الصحية، بل يبطئ أيضاً من وتيرة التقدم في العديد من مجالات التنمية الأخرى مثل التعليم والعمل.

تقرير حديث نشرته منظمة الأغذية والزراعة العالمية بالأمم المتحدة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي مؤخرا تم إعداد  لصالح مجلس الأمن ، اشار إلى أن الوضع في المناطق الثمانية في العالم التي تتضمن العدد الأكبر من المحتاجين للدعم الغذائي العاجل، يُظهر أن العلاقة بين النزاع والجوع ما تزال مستمرة ولها تبعات مميتة. حيث اعتمد المجلس وفقا للتقرير في مايو الماضي قراراً تاريخياً بشأن منع الجوع في مناطق النزاع.

وتفاقم الوضع بشكل كبير في نهاية العام 2018 بسبب النزاع في كل من أفغانستان، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وجمهورية الكونغو، وجنوب السودان، واليمن، فيما شهدت الصومال وسوريا وحوض بحيرة تشاد بعض التحسن الذي رافق التحسن في الأمن. وفي المجمل، يحتاج نحو 56 مليون شخص في العالم إلى مساعدات غذائية ومعيشية عاجلة في مناطق النزاع الثمانية.

المدير العام لمنظمة الفاو السيد غرازيانو دا سيلفا، اكد فى مقدمة تقريره “التاثير الواضح للعنف المسلح على حياة وسبل عيش الملايين من الرجال والنساء والفتيات والصبية العالقين في النزاع”.مشددا على ضرورة تذكيرهم بأن خلف هذه الإحصائيات المجردة أناساً حقيقيون يعانون ومعدلات جوع لا يمكن القبول بها ببساطة في القرن الحادي والعشرين”.

إن ازدياد العنف الموجه ضد العاملين في مجال المساعدات الإنسانية، يجبر المنظمات على تعليق عملياتها وحرمان السكان المستضعفين من المساعدات الإنسانية.وفقا لتقرير (الفاو) حيث تمت مهاجمة عمال ومرافق الإغاثة في جميع البلدان التي شملها التقرير في العام 2018م.

المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي من جانبه قال ان التقرير يظهر مجدداً العلاقة المأساوية بين النزاع والجوع واستمرار انتشاره في الكثير من مناطق حول العالم. واننا بحاجة إلى الوصول بشكل أفضل وأسرع إلى مناطق النزاع، كي نتمكن من الوصول إلى عدد أكبر من المدنيين الذين يحتاجون إلى مساعدتنا. ولكن ما يحتاجه العالم أكثر من أي شيء آخر هو إنهاء الحروب”.

ويعد قرار مجلس الأمن رقم 2417 هو إدانة جليّة لاستخدام التجويع كأداة للحرب، ويدعو جميع أطراف النزاع المسلح إلى الامتثال إلى التزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي للحد من تأثير العمليات العسكرية على المدنيين، بما في ذلك إنتاج الغذاء وتوزيعه، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بطريقة آمنة وفورية إلى المدنيين المحتاجين للمساعدات الغذائية والتغذوية والطبية لإنقاذ حياتهم.

ويذكر التقرير ايضا أن “عدد الرجال والنساء والأطفال الذين يعانون من الجوع نتيجة للنزاع المسلح، والذي يصل إلى الملايين، لن يتدنى إلا باتباع  المبادئ الأساسية للمجلس.

وينشئ العدد المتزايد من النزاعات التي طال أمدها حول العالم مستويات غير مسبوقة وغير مقبولة من الجوع.

وفي النصف الثاني من العام 2018، صُنّفت جمهورية الكونغو الديمقراطية ثانياً في العدد الأعلى (13 مليون) من الأشخاص الذين يعانون من انعدام حاد في الأمن الغذائي نتيجة للنزاعات المسلحة. كما يتوقع أن يبدأ موسم الجفاف في وقت أبكر من المعتاد في جنوب السودان، حيث استمرت النزاعات الأهلية لأكثر من خمسة أعوام، مما يزيد من عدد المحتاجين إلى دعم عاجل ليصل إلى أكثر من 5 ملايين نسمة في الفترة الممتدة بين يناير الثاني ومارس 2019.

وينشط مقاتلو بوكو حرام في حوض بحيرة تشاد، بما في ذلك شمال شرق نيجيريا وإقليم لاك في تشاد ومنطقة ديفا في النيجر، ومن المتوقع حدوث تدهور كبير في الأمن الغذائي خلال موسم الجفاف هذا العام (يونيو – أغسطس/ 2019)، ومن المتوقع أن يعاني 3 ملايين من انعدام حاد في الأمن الغذائي.

وفي أفغانستان، من المتوقع أن تصل نسبة الأفغان الريفيين الذين يعانون عجزاً غذائياً حاداً إلى 47 في المائة (أو 10.6 مليون شخص) بحلول مارس في حال لم يتم تقديم المساعدة المنقذة للحياة. أما في جمهورية أفريقيا الوسطى، فقد ظل النزاع المسلح المسبب الرئيسي للجوع في العام 2018، حيث يعاني 1.9 مليون شخص من عجز غذائي حاد.

والتقرير المشترك الذي قدمته منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي إلى مجلس الأمن الدولي بعنوان (رصد الأمن الغذائي في البلدان التي تشهد حالات نزاع) هو التقرير الخامس من نوعه منذ يونيو 2016. ويهدف التقرير إلى تزويد أعضاء مجلس الأمن بالمعلومات المستجدة حول انعدام الأمن الغذائي وتعزيز الحاجة الملحة إلى تكثيف الجهود الرامية إلى حل النزاعات من أجل القضاء على الجوع. ويعد التقرير جزءاً من جهد أوسع نطاقا تقوم به الفاو، وبرنامج الأغذية العالمي، والاتحاد الأوروبي، وشركاء آخرون، لرصد وتحليل الأزمات الغذائية العالمية من أجل توفير معلومات واستجابات منسقة وفورية.