الصادق المهدي من الحصار إلى الاعتذار!

الاخبار العالمية
515
0

انتقلت قيادات حزب الأمة القومي الذي يتزعمه السيد الصادق المهدي من خانة الزعم بأن المهدي بالخارج لقضاء أمور معينة تهم الحزب وسيعود حال انتهاؤه منها، إلى خانة جديدة مؤداها أن المهدي يشترط اعتذار الحكومة السودانية له كشرط لعودته!

الاعتذار الذي طالبت به قيادات الحزب بالداخل كشرط لعودة زعيم الحزب مرتبط بالملابسات التي أحاطت بتوقيع المهدي على وثيقة إعلان باريس والتي كشف عنها مؤخراً الرئيس البشير وأشار إلى أنها حوت أمور مخالفة للقوانين السودانية. ولهذا فإن المؤتمر الوطني وعلى لسان أمينه السياسي الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل قطع الطريق تماماً على مطالب قيادة حزب الأمة وقال بوضوح مباشر لا يحتمل أي لبس إن حكومته لن تعتذر للمهدي.

ومن المؤكد أن الارتباك الظاهر للعيان والذي لا يحتاج لكبير عناء لتبيانه فى مواقف قيادة الحزب -في غياب زعيم الحزب بالخارج- مرده أساساً إلى أمور محورية محزنة، أولها؛ أن المهدي كما أثبتت العديد من الوقائع والأحداث هو الحزب والحزب هو المهدي! هذه الحقيقة لم نأت بها من عندنا فقد فاجأ بها المهدي وفداً من الحزب زاره قبل أيام بالعاصمة المصرية القاهرة حيث منفاه الاختياري رافضاً أي مراجعة لهياكل الحزب أو نظامه الأساسي وأن القرار قراره.

ثانياً، إن قيادات وكوادر الحزب -وربما كانت معذورة فى هذا الصدد- تشعر بقدر من الضياع وفقدان الوجهة والبوصلة، فهي من ناحية فقدت القدرة على التفاعل مع قضية الحوار الوطني بالداخل مع أن هذا هو السبيل الأوحد المتاح للحزب فى ظل المعطيات السياسية الماثلة وفى ظل استحالة إمكانية قيادة حراك ثوري أو انتفاضة شعبية، وفى الوقت نفسه فإن زعيم الحزب بدا كمن يخفي عن قيادة الحزب (بنوداً سرية) وردت في وثيقة باريس؛ إذ ليس من المعقول أن يورد الرئيس البشير تفاصيلاً متعلقة بالوثيقة وملابسات التوقيع عليها ويذيعها على الملأ دون أن يكون لها أدنى أساس، وفى ذات السياق فإن حرص المهدي على البقاء فى الخارج يثير الريبة فى أن الرجل يدرك (ما إقترفته يداه) ويدرك مترتبات ذلك.

ثالثاً، حزب الأمة نفسه يعاني من تعقيدات تنظيمية لا تنتظر ومن الغريب أن زعيم الحزب لا هو راغب وقادر على معالجة هذه التعقيدات، ولا هو قادر على معالجة الشأن الوطني عموماً طالما أنه بقي فى الخارج مؤثراً السلامة والفرار بالجلد.

وهكذا يمكن القول إن الوضع الحالي فى حزب الأمة القومي -مع كل الأسف- من صميم أخطاء زعيم الحزب نفسه الذي يسعى لكي يضم تحت كُم جلبابه، مضمار الحوار الوطني، إلى جانب القوى المسلحة (الجبهة الثورية)؛ إلى جانب (عمل مسلح) يطيح بالحكومة التي يحاورها ويتم تنصيبه بعدها رئيساً إنتقالياً. زعيم الحزب يريد كل ذلك بذكائه الخاص ومهاراته السياسية غير آبه بأوضاع حزبه ولا بالأوضاع فى السودان.

وعلى أية حال فإن تغيير قيادة الحزب بالداخل لأسباب بقاء زعيمه بالخارج من كونه بقاءً لانجاز مهام وطنية معينة، إلى بقاء مرتبط بوصول اعتذار حار من الحكومة السودانية، هو في حد ذاته جانب مهم جداً من واقع الحال والمهدي الذي وصلت إليه الأوضاع فى حزبه الأمة القومي؛ وليس هنالك من هو أسعد بهذا الحال أكثر من رفقاء المهدي فى الجبهة الثورية وقطاع الشمال الذين عقدت الدهشة ألسنتهم حين نجحوا -من الضربة الأولى- فى وضع السيد الصادق المهدي في هذه الزاوية الحرجة!

نقلا عن :سودان سفاري