الخرطوم بين طرابلس وطبرق

الاخبار العالمية
440
0

شهدت العلاقات السودانية الليبيبة فى عهد حكم الانقاذ فترات متقلبة بعضها مرتبط بأجندة الزعيم الليببي السابق دعم القذافي حركة العدل والمساواة التى وصلت الى امدرمان فى مايو 2008 بدعم ليببي و تخطيط تشادي.

وبعد القذافي اكتنف الغموض علاقة الخرطوم بالثورة الليبيبة التى أطاحت بنظام القذافي فى عام 2011 الى حين اعلان الرئيس الشير إن حزء من عتاد ومعدات وذخيرة الثوار الليبيين سوداني. وحمل البشير فى اكتوبر 20111 بشدة على النظام الليببي السابق، وقال فى استاد كسلا بمناسبة افتتاح طريق يربط بين السودان وارتيريا ان نظام القذافي قدم دعماً لحركة التمرد فى الجنوب ولحركات التمرد في دارفور ومكنها من الوصول الى الخرطوم وأقر بدعم السودان لثوار ليبيين فى مصراته واعتبر البشير هذا الدعم (رد الصاع صاعين).

كما يمكن للعلاقات بين الخرطوم وطرابلس ان تشهد تطور لمصحلة الشعبين لحاجة الدولتين الى تعاون مثمر لارتباطهما بحدود طويلة مما يجعل الامن القومي في أي منهما يتأثر بما يجري فى الاخرى كما تحتاج ليبيا الى اللحوم والمنتجات الزراعية السودانية، وفى المقابل يمكن ان تسد ليبيا حاجة السودان من النفط بأسعار تفضيلية بعد انفصال الجنوب وتخفيف الصدمة التى اصابت اقتصاده.

غير ان الاوضاع فى ليبيا لم تشهد استقرار لتعود المليشيات متعددة الولاءات والتوجهات وانتشار السلاح، حتى وصلت مرحلة الانقسام الى نشوء حكومتين وبرلمانين، والأولين مقرهما فى طبرق والآخرين فى طرابلس. وسعت جهات تعمل على الهيمنة هناك لتوجيه الاوضاع فى ليبيا الى اتجاهات محددة لربط العلاقة بين السودان واسلاميي ليبيا تأسيساً على خلفية ان قادة البلدين، القوى الكبرى فيهما ينتميان للتوجه الاسلامي وأن ثمة شعور بأهمية الاعتماد المبتادل بين التيارين الاسلاميين على جانبي الحدود بين الدولتين.

واستغلت تلك الجهات شحنة اسلحة سودانية الى القوات السودانية الليبية المشتركة باعتبارها دعماً للجماعات الاسلامية التى تسيطر على طرابلس فى محاولة لربط السودان بمحور قطر تركيا لوضعه فى مواجهة مع حلف آخر، طرفاه مصر والامارت العربية. لو كان سيناريو الذي دفع الحكومة طبرق لإصدار بيان يتهم السودان بجمامة (فجر ليبيا) لم يراع جوانب أضعفت الحبكة فلو أراد السودان دعم المسلحين فى طرابلس وهم المسيطرون على المطار لوجّه لهم الدعم مباشرة وليس عن طريق الكفرة والطائرة من نيالا أو الفاشر لا تحتاج الى الهبوط فى الكفرة أو غيرها للتزود بالوقود. كما أن السودان يتهيأ لاستضافة اجتماع دول جوار ليبيا وقد اقترح الاجتماع الاول بالقاهرة فى اغسطس الماضي، الى نزع تدريجي لسلاح المليشيات وتقديم الدعم للسلطات الشرعية وتأمين الحدود, وما يؤكد رغبة الخرطوم فى لعب دور ايجابي للتهدئة فى ليبيا وتقريب مواقف الفرقاء، الامر الذي يتقاطع مع اي اتجاه للدخول طرفاً فى النزاع هناك.

والامر الآخر الذي لا يقل أهمية عن ذلك، فإن السودان الذي يسعى لبناء علاقات متوازنة مع مصر فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي والنفاذ عبرها لاصلاح علاقاته الفاترة مع دول خليجية مؤثرة، ليس فى حاجة الى التورط فى الوحل اللييبي والدخول في أي محاور يمكن ان تجهض مساعيه لضرب علاقاته مع القاهرة واستفزاز الخليج.

ورغم ذلك اعتقد ان الخرطوم لها حساباتها المخلتفة تتصدرها الخشية من عودة التحالفات السابقة لنظام القذافي والتى كانت قائمة على دعم الجماعات المتمردة في السودان وتسعى الى الانتقام منه فى حال تهيأ لها الفرصة المناسبة.